اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 211
الأوّل : هل حجيّة القطع داخلةٌ في علم الأصول أم
خارجٌ عنها ؟
للجواب على هذا السؤال عليك أن تـتذكّر
أنّ ضابط المسألة الاُصوليّة هو أن تقع غالباً كبرى في قياس استـنباط الحكم الشرعي
ـ كالمباحث العقلية ومباحث الحجج وقيام الأمارات مَقام القطع الصفتي(أي الوجداني)
ومباحث العلم الإجمالي ومباحث التعارض ـ أو قد تكون صغرى في قياس الإستـنباط لكن
بشرط أن تكون من المقدّمات القريـبة في قياس الإستـنباط ـ كمباحث الظهورات مع أنـنا
نستقرب أن تكون من مسائل اللغة لا من مسائل الاًصول لكن مع ذلك نرجّح أن تبحث في
علم الاُصول أيضاً لفوائد معروفة ـ .
وح نقول : لا شكّ في أنّ
بحث حجيّة القطع خارجٌ عن مباحث علم الأصول ، وإنما يـبحث عنها هنا بالمناسبة
. والوجهُ في ذلك أنّ حجيّة القطع لا تقع فقط في طريق الإستـنباط ، وإنما هي عين
النـتيجة أي عينُ معرفة الحكم الشرعي . فمثلاً : بناءً على كون المسألة الأصولية
ممّا تقع في كبرى قياس استـنباط الحكم الشرعي لا تكون حجّيّة القطع دخيلة فقط في
كبرى القياس ، وإنما تدخل أيضاً في صغرى القياس ، وتدخل أيضاً في النـتيجة .
لا ، بل حجيّة القطع تقع في كلّ
كلمة تـنطق بها ، سواء كانت في العلوم الأكاديمية أو في العلوم الإلهية ، ولا يمكن
أن تكون فقط كبرى في استـنباط الحكم الشرعي . فحجيّةُ القطع قاعدة عقلية ضرورية في
كلّ العلوم قاطبة وإلاّ يكون الكلام المشكوك الصحّة ـ أي من غير علمٍ بصحّته ـ بلا
فائدة ولا نـتيجة معلومة له . لا ، بل القطع يكون حاصلاً قبل تصوّر حجيّته ، فلا
ضرورة ولا حاجةَ للقول بعدئذ بحجيّته ـ أي بعد وضوح الصورة ـ .
فمثلاً : لو فرضنا أنّ الفقيه
بحَثَ ولم يجد دليلاً محرِزاً على مسألة معيّنة فهو ح يقطع بأنّ عليه أن يرجع إلى
الأصول العملية ، لا ، بل هو في كلّ خطوة عليه أن يكون قاطعاً وإلاّ لا يجوز له
الإستـنباط من دون علم وقطع ، كما لا يصحّ لصاحب الشركة أن يحسب أموالَه في الشركة
بإستهتار ويـبني على ذلك أموراً وأموراً من دون علم وقطع بصحّة حساباته ، وكذالا
يصحّ للطبـيـب أن يعطي دواءً للمريض من دون قطع ووضوح الصورة لديه عن المرض ودوائه
، فالقطعُ إذَنْ أمْرٌ لازم في الحياة دائماً ليـبنَى على الشيء مقتضاه ، فهو عنصر
عامّ في كلّ الحياة وفي كلّ العلوم .
بل الأصول العقلية ـ أيضاً ـ
ليست من علم الأصول ، لأنها مصاديق للقطع ، لأنها أحكام عقلية قطعية لا غير ، إذ
أنها لا توصلنا فقط إلى حكم شرعي ، وإنما هي كاشفةٌ عن النـتيجة أي عن الحكم
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 211