اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 187
آخر . توضيحُ ذلك : ليس الجهلُ
والشكّ في حكم ظاهري موضوعاً لوظيفة عملية ثابتة بالأمارة أو الأصل ، فلا يقع
الشكّ في حكمٍ ظاهري ما موضوعاً للبراءة مثلاً أو الإشتغال ، ولكن الشكّ في الحكم
الواقعي هو موضوع البراءة أو الإشتغال ، إذ غرضُ المولى تعالى ونظرُه إنما هو إلى
الحكم الواقعي لا غير ، والحكمُ الظاهري ليس إلاّ طريقاً صِرْفاً لإدراك الواقع ،
فليس الشكّ في حجيّة خبر الثقة مثلاً موضوعاً لأصالة الإشتغال مثلاً ، وإنما شرّعَ
اللهُ تعالى الإشتغالَ للتحفّظ على الواقع لا غير ، فلو فرضنا أنّ البَـيّنَة قامت
على نجاسة أحد إناءين ، لوجب الإحتياط ، لكنْ لا مراعاةً للبـينة ، وإنما مراعاةً
للواقع ، ولذلك أيضاً لو شككنا في حجيّة أمارةٍ ما لوَجَبَ علينا إجراءُ البراءة
عن الحكم الواقعي لا عن الحكم الظاهري المشكوك الحجيّة أو المشكوك الوجود ، لأنّ
إجراء البراءة عن حجيّة الحكم الظاهري المشكوك لا يكفي في براءة الذمّة عن الواقع
, وكذا لو دلّ الإستصحاب على بقاء حجيّة خبر الثقة رغم ارتكابه للصغائر ، فإنك
يجبُ عليك العمل على أساس حجيّة قوله .
ولذلك ترانا نقول بأنّ موضوع
العقاب إنما هو مخالفة الحكم الواقعي ، والعقابُ في الآخرة إنما يناسب مخالفة
الواقع لا مخالفة الأمارة ، فلو استصحبتَ حجيّةَ خبرِ الثقة الذي يقول بوجوب صلاة
الجمعة مثلاً فلم تصلّها فإنك تستحقّ العقاب بمقدار معصية الحكم الواقعي ـ لا
بمقدار معصية الأمارة الحجّة ـ وكأنك عصيت الحكمَ الواقعي تماماً ، ولا تستحقّ
العقاب بمقدار التجرّي فقط ، بـينما لو كان التـنجيزُ ثابتاً على الحكم الظاهري لم
يكن معاقباً بغير عقاب التجرّي ، كما أنه ليست مخالفةُ الحكم الظاهري موضوعاً
للعقاب الاُخروي ، فلا معنى لإدخال الشكّ في الحكم الظاهري في تقسيم الشيخ الأعظم
الأنصاري"[175](إنـتهى بتوضيحٍ منّي)
.
أقول : وهذا أيضاً يَرِدُ
عليه إيرادان :
الأوّل : لا شكّ ولا خلاف بين
العلماء في أنّ الجهل والشكّ في حجيّة الأمارة هو الموضوع للأصول العملية ، كما لا
شكّ عندهم في أنّ بعض الأمارات واردة على بعض ، وأنّ بعض الاُصول واردة على بعض ،
ولذلك ترى كلّ علمائـنا يعتبرون أنّ موضوع الاُصول العملية هو عدم وجود أمارة
حجّةٍ، فيقولون بأنّ الأمارةَ الحجّةَ واردةٌ على الأصول العملية لأنها تلغي موضوع
الأصول العملية .
والثاني : لا شكّ في أنّ موضوع
العقاب الاُخروي هو مخالفة الحكم الظاهري ، وأنّ الإنسانَ مكلّف بما أتاه وعلِمَهُ
لا أكثر ، ويـصحّ عقابُه على مخالفة الحكم الظاهري المنجّز عليه ، كما ويصحّ
[175]
مباحث الاُصول لاُستاذنا السيد كاظم الحائري حفظه الله ج 1 من القسم الثاني ص
211 .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 187