اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 163
إذَنْ ، إذا كانت جملة الإستـثـناء
إيجابـيةًفلا ينبغي أن نجعلَها
تحت عنوان جملة الحصر ، لما ذكرناه قبل قليل ، وإن كانت سلبـيةً ثم جاءت (إلاّ) لكان
الأحسنُ أن نجعلَها في جمل الحصر ، لأنها تفيد الحصرَ بوضوح ، لما قلناه ، ويكون
لها ح مفهومٌ .
والنـتيجةُ هي أنّ
الجملة الإستـثـنائيّة قد يكون لها مفهوم ، وقد لا يكون لها مفهوم .
*وقد يُفاد الحصرُ بأداة
الحصْرِ (إنما) أو بغيرها ، وهذه الأدوات تفيد المـفهوم بلا شكّ ولا خلاف ، والحصْر قد يكون حصْراً
للموضوع بحكم واحد ، وليس له حكم آخر ، مثل قولِنا "زوجيّةُ المرأة لا
يترتّب عليها إلاّ وجوب واحد فقط ـ أي حُكْم واحد فقط ـ وهو وجوب التمكينُ ، ولا
يترتّب عليها إلاّ حرمة واحدة فقط وهي حرمةُ الخروجِ من بـيت الزوج بغير
إذنه" ، وهكذا حالةٌ يكون لها مفهوم بوضوح ، لأنـنا كلّما نشكّ في حالةٍ ما فلنا
أن نرجع إلى هذا العموم .
وقد يكون حَصْراً للحكم
بموضوع واحد فـقط ، كما في موثقة عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع)
قال : إذا شككتَ في شيء من
الوضوء وقد دخلتَ في غيره فليس شكك بشيء ،إنما الشك إذا كنت في
شيءٍ لم تَجُزْه[142]، فإنها تفيد أنّ حكم التجاوز ـ أي
البناء على الصحّة ـ مختصٌّ بموضوع واحد وهو حالة العلم بتحقّقِ التجاوز ، فقط لا
غير ، ففي غير حالة العلم بالتجاوز لا تجري هذه القاعدةُ أصلاً ولأيّ سبب ولأيّ
ملاك ، إذن هكذا روايةٌ تُفيد المفهومَ بلا شكّ ، بمعنى أنه في حالة الشكّ في
البقاء أو التجاوز فإنه يُرجَعُ إلى عموم قاعدة استصحاب عدم الإتيان بالجزء ، وذلك
لأنّ قاعدة التجاوز هي على خلاف القاعدة الأوّليّة . بتعبـير آخر : قاعدةُ التجاوز
ـ أي قاعدةُ البناء على الإتيان بالجزء المشكوك ـ لا تجري إلا إذا علمنا بتحقّق
التجاوز ، فمع الشكّ في تحقّق التجاوز لا تجري هذه القاعدة .
وكذا الحكمُ مع الرواية عن رسول
الله (ص) : إنما الأعمالُ بالنيّات [143]، فإنها تفيدُ أنّ
الحكم بقبول الأعمال يتوقّف على شرط واحد فـقط ، وهو وجود النيّةِ الصالحة ،
والعكس صحيح ، فلو كانت النيّةُ سيّئة ، لكان الحكم هو عدم قبول الأعمال أو
استحقاق العقاب ، وكذا الكلام في قولنا "إنما حُرِّمَ عليكم كذا وكذا" ، وكذا الكلام أيضاً فيما رواه في الفقيه بإسناده الصحيح
عن زرارةَ