responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 160

متّصل ، وقد استـثـناه المقِرِّ ، فهي بمثابة قوله "في ذمّتي لزيد عشرةُ دراهم غيرُ درهم" ، واعتبروا (غَير) وصفاً لـ (عشرة) ولذلك رفعوها بالضَّمّ ، ولم يَنْصِبُوها بالفَتح ، فكأنه قال "في ذمّتي لزيدٍ تسعةُ دراهمَ" ، لذلك لا يصحّ إدخالُ (الإستـثـناء من الموضوع) في بحث المفاهيم ، لأنه صريح في المـنطوق .

ولكنْ إن كانت الجملة الإستـثـنائيّة سلبـيةَ الصدرِ ثم جاءت (إلاّ) فإنّ الإستـثـناءَ فيها يكون استـثـناءً من الحكم ، أو قُلْ : مدلولُها المطابقي يُفيد سلبَ طبـيعي الحكم وانحصارَ الحكمِ الأوّلي بالمستـثـنَى منه ، كما في مثال "لا يجوز الكذبُ إلاّ في الضرورة" فإنّ مدلولها المطابقي يعني "لا يجوز الكذبُ أصلاً ولأيّ سبب ، إلاّ في الضرورة" فهنا رأيتَ كيف كان الحكم المنفيُّ طبـيعياً ، ورأيتَ كيف كان المراد من (الكذب) هو جنسُ الكذب ، فكأنّ القائل قال : "جنس الكذب حرام حرام ، لا يجوز بأيّ شكل ولأيّ سبب ..." ، ولذلك يكون لها مفهوم ، ويكون مفهومها (وأمّا إن كان ضرورةٌ فإنه يجوز الكذبُ أو يجب) ، ولا يُحتمل أن يجوز الكذبُ في غير الضرورة ، بمعنى أنك إن شككت في جواز الكذب في غير حال الضرورة لوجب عليك الرجوعُ إلى عموم (جنس الكذب حرام مطلقاً) ، أي يجب عليك أن تـتمسّك بإطلاق حرمة الكذب . إذَنْ في الجملة الإستـثـنائيّة السلبـية لاحظتَ أنّ الإستـثـناء كان من الحكم ، أو قُلْ مِن طبـيعي الحكم .

إذَنْ لك أن تُدخِل قولَنا "لا يجوز الكذبُ إلاّ في الضرورة" في جملة الإستـثـناء ، لأنّ فيها أداةَ استـثـناء ، كما أنّ لك أن تُدخِلَها في جملة الحصر ـ وهو الاَولى ـ لأنها تفيد معنى الحصر بوضوح ، لأنّ الإستـثـناء فيها هو استـثـناءٌ مِن سلْبِ طبـيعة الحرمة .

ولبـيان الفرق أكثر بين الإستـثـناء من الحكم والإستـثـناء من الموضوع نُـقَدّم المثالَ التالي أيضاً :

قد يقول المولى "أكرِمِ الفقراءَ إلا الفسّاقَ منهم" ـ بنحو الإيجابـية ـ وقد يقول "لا تكرِمِ الفسّاقَ إلاّ العلماءَ منهم" ـ بنحو السلبـية ـ فالجملةُ الأولى لا تفيد المفهومَ ، لأنّ الإستـثـناء فيها ـ كما عرفتَ ـ هو استـثـناءٌ من الموضوع ، لأنها بقوّة "أكرِمِ الفقراءَ العدولَ" ، لذلك لا مفهوم لهذه الجملة ، ولذلك قد يأتي حُكمٌ آخر يُوجِبُ إكرامَ الفقراء الفسّاق بملاك آخر كالهاشميّة مثلاً . وأمّا القولُ الثاني فإنه يَنهَى عن الإكرام أصلاً ومطلقاً ، ثم يَستـثـنِي الآمِرُ من الحرمةِ إكرامَ العلماءِ فقط ، ولذلك لا يصحّ أن يأتي استـثـناءٌ آخر بملاك آخر ، لأنه خدشة بعموم حرمة إكرام الفاسق ، لذلك كانت الجملة السلبـية تفيد المفهومَ بوضوح .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست