اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 153
ومثلُها قولُه [ وَلاَتُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ
قِيَاماً ،وَارْزُقُوَهُمْ
فِيهَا ، وَاكْسُوَهُمْ ،وَقُولُوا
لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً (5) وَابْتَلُوا اليَتَامَى ، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا
النِّكَاحَ فَإِنْْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ
أَمْوَالَهُمْ ،وَلاَتَأْكُلُوهَا إِسْرَافاًوَبِدَاراً أَن يَكْبَرُوا ، وَمَن
كَانَ غَنِياًّ فَلْيَسْتَعْفِفْ ،وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ، فَإِذَا دَفَعْتُمْ
إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ،وَكَفَى بِاللهِ حَسِيـباً (6)] [121] ، إلاّ أنها هي بنفسها
تصرّح بالمدلول الإلتـزامي ، فلو لم تصرّح وقالت ـ مثلاً ـ "لا تؤتوا الصغارَ
أموالَكم أصلاً ولأيّ سبب إلاّ إذا بلغوا مرحلةَ الزواج والرشد" ، لكان لها
مفهوم ، لأنها ح تدلّ على الحصر بوضوح ، فيكون مفهومها ح "إذا بلغوا مرحلة
الزواج والرشد فأتوهم أموالهم" .
بتعبـير آخر : قولُنا "لا
يجوز أن تعطيَ اليتيمَ مالَه حتى يرشدَ" له مفهوم ، لأنّ الحرمةَ هنا هو طبـيعيَّ
الحكم ، لا شخص الحكم ، دليلُنا هو وجود معارضة إذا جاءتـنا روايةٌ اُخرى تجيز
التصرّف بمال القاصر في حالةٍ ما وسنقع ح في المجازيّة .
مثالٌ آخر : قال اللهُ [وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ، فَاعْتَزِلُوا
النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ ، وَلاَتـقرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ، فَإِذَا تَطَهَّرْنَ
فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابين وَيُحِبُّ
المُتَطَهِّرِينَ (222)] [122]فالمدلول المطابقي
للآية هو "لا يجوز مقاربتهنّ إلاّ إذا طهرن" إذن الآيةُ تفيد الحصرَ ،
فإذا أفادت الحصر فإنها تفيد المفهوم بالإجماع ، فح يكون مفهومُ الغاية هنا هو (فإذا
طَهُرَتْ فلا تَحْرُمُ مقاربتُها) ، والمشهور بين الأصحاب هو عدم الحرمة حتى قبل
الغُسل ، ويَتِمّ الجمعُ بين [وَلا تـقرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ وبين [فَإِذَا تَطَهَّرْنَ
فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ] بحمْلِ الآيةِ الثانية على كراهة
الوطء من دون تطهير موضع الدم أو من دون الإغتسال [123]. إذن إنْ فهِمْنا معنى
"طبـيعي حرمة مقاربة الزوجة يتوقّف على علّة منحصرة وهي الحيض" أي لا
حرمة بعد فترة الحيض أصلاً ولأيِّ سبب ، فللآية مفهومٌ ، وأمّا إذا فهِمْنا معنى
"جعل اللهُ حرمةَ الوطء في أيام الحيض" ـ أي كأنما قال جَعَلَ اللهُ
الحرمةَ على شرب الخمر ـ فهذا المعنى لا يُفهم منه طبـيعي الحِلّيّة بعد الطهر من
الحيض ، بمعنى أنه قد يحرم الوطءُ بسبب آخر ، كتلوّثِ مخرج الدمِ أو عدمِ الإغتسال
.