اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 124
ولك أن تستدلّ بدليل ثالث
وهو : لو قال لك المولى مثلاً ( اَعتـق ) واحتملتَ كفايةَ الإطعامِ بدلَ الإعتاق ،
فح إن أطعمت فسوف تشكّ ـ بحسب الفرض ـ في كفاية ذلك عن العتـق ، ولذلك تجري أصالةُ
الإشتغال العقليّة لا محالة ، لأنه شكّ في سقوط المكلّف به . وهذا الدليل هو دليل أصالة الإشتغال . لكن هذا الدليل
الثالث ـ كما قلنا قبل قليل ـ خارج عن بحثـنا الذي هو معرفة مفاد صيغة الأمر .
على كلّ ، قال العلماء بجريان
الإطلاق اللفظي ـ أي إطلاق صيغة الأمر ـ أو الإطلاق الأحوالي أو الإطلاق المقامي أو
أصالة الإشتغال ، لِدَفْعِ احتمالِ الغَيريّة أو الكفائيّة أو التخيـيرية .
* * * * *
الأمر الثالث : وقوعُ الأمْرِ
عَقيب الحظر
قال الله تعالى [وَإِذَا
حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا [86]
،
وقال [فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْـتُلُوا
المُشْرِكِينَ
حَيْثُوَجَدتُّمُوَهُمْوَخُذُوَهُمْوَاحْصُرُوَهُمْوَاقْعُدُوا
لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ، فَإِن تَابُواوَأَقَامُوا الصَّلاةَوَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبـيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ]
[87] ، ومعنى الآية الأولى
"قبل الإحلال لا يجوز الإصطياد ، نعم إذا حللتم فاصطادوا" ، ومعنى الآية
الثانية "في الأشهر الحرم لا تـقاتلوا المشركين ولا تـقتلوهم ، نعم إذا انسلخ
الأشهرُ الحرم فاقتلوهم ..." ، فهنا لاحظتَ ورودَ بعضِ الأوامر في سياق الحظر
، والسؤالُ
هو : هل
وقوع صيغة الأمر بعد الحظر يفيد الطلب أو الإباحة أو الإجمال ؟
أستبعد وجود جواب على هذا
السؤال ، لأنّ المسألة استظهاريّةٌ بحتة ، أي أنّ المسألة صغرويّة ، فعلينا أن نـنظر
إلى كلّ مورد مورد لنستظهر المعنى المراد ، فمثلاً في آية [ وَإِذَا
حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا] معناها ـ واللهُ العالِمُ ـ
"وإذا حللتم فاصطادوا إن شئتم ، فلا مانع من ذلك" بمعنى أنها تـفيد ـ في
هكذا سياق ـ الإباحةَ .
أمّا في الآية الثانية فالظاهر
أنها تـفيد الوجوبَ ، ومِثْلُها قولُ الطبـيـب
للأمّ : "لا تُعْطي ولدَك الدواءَ الفلاني إذا كان مصاباً بالضغط ، فإذا لم
يكن مصاباً بالضغط فأعطيه إياه" ، فإنّ الأم تستـفيد هنا معنى الوجوب .