اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 119
ولذلك يفهم المؤمن من صيغة الأمرِ
الطلبَ المحضَ .. ولا يفهم الطلبَ المشوبَ بعدم الطلب ، ولذلك تجدُ العرفَ يرون
عدمَ براءة الذمّة فيما لو لم يمتـثلوا طلَبَ المولى ، ويرَون أنفسَهم يستحقّون
العقابَ ، أعاذنا الله تعالى .
* ولك أن تـقول : لو قال لك أحد
العلماء "أعِدْ صلوات أمس" ، أو "إدفع مليون ليرة" ثم بعدما
أعَدْتَ الصلوات أو دفعت المالَ قال لك لم أقصد الوجوب ، وإنما قصدت الإستحباب !!
فهذا يكون غاشّاً في دِين الله تعالى ، أو يكون غير حكيم في إظهار الحكم الشرعي ،
وحاشا للمعصومين (علیهم السلام) أن يقصدوا الإستحباب وهم يعبّرون بصيغة الأمر ، أو يكونوا غير
حكماء في إبداء الأحكام الشرعيّة .
* وأمّا الثاني ممّا يدلّ
على الطلب ولكنْ
بعناية
فهو الجملة الخبريّة :
فهيأةُ الجملةِ الخبريّة
المستعمَلة في مقام إبداء الحكم الشرعي ـ مثل يغتسل ويتوضّأ ويعيد صلاته ... ـ
ظاهرةٌ في إفادة النسبة الوجوبـية عرفاً ـ كما هو المشهور أيضاً ـ أي أنك إذا سألت
الإمامَ المعصومَ عن حُكْمِ صلاتِك الفلانـيّة فقال لك "تعيد صلاتَك" ،
ماذا تـفهم من هذه الجملة ؟ ألا تـفهم منها وجوبَ الإعادة بوضوح ؟! وكأنّ الإمام
يقول لك "حكمُك أن تُعيد صلاتَك" ، وذلك لأنّ السؤال هو عن الحكم الشرعي
.
وبتـفصيل أكثر : تارةً تكون
الجملةُ الخبريّة غيرَ معلومة السياق ، فهي تُحمَلُ ـ لا محالة ـ على إفادة معنى
الإخبار والحكاية ، ولكنْ كلامُنا فيما لو كان سياق الجملة الخبريّة واضحاً في أنه
في مقام إفادة الحكم الشرعي ، كما لو سأل شخص الإمام عن حكم الوضوء من دون موالاة
وعن حكم صلاة من دون الركوع مثلاً ، فأجابه الإمام "يعيد وضوءه وصلاته"
، فهي في هكذا حالةٍ تُحمَلُ على اختصار معنى "حُكْمُه أن يتوضّأَ ويُعِيدَ
صَلاتَه" لأنّ السؤال هو عن الحكم ، وهذا فَهْمٌ واضحٌ عرفاً ، ولا يشعر أيّ
إنسان بمجازيّة هذا الإستعمال ، وهذا كاشف عن كون جملة "يتوضّأ ويصلّي"
إختصاراً لجملة "حكمه كذا وكذا " لأنّ السؤال هو عن الحكم ، ثم يَفهمُ
العرفُ من هيأةِ "حُكْمُه أن يتوضّأَ ويُعِيدَ صَلاتَه" النسبةَ الطلبـية
، بالإنصراف والتبادر ، وهذه النسبة الطلبـية تأخذه إلى الوجوب عرفاً بلا أيّ
اتّجاه آخر .
وكذا الأمر تماماً في النفي ـ
أي بالجملة الخبريّة ـ كما لو سألت الإمام عن حكم وضوئك الفلاني وصلاتك الفلانية ،
فقال "لا تعيد" فهذا مختصر لجملة "حُكْمُك أن لا تعيد" .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 119