فالثابت أوّلا وبالأصالة هو القصاص، وإنّما ينتقل إلى الدية للعوارض التي ذكرناها.
وأمّا بالنسبة إلى القتل الخطئي بكلا قسميه: فالثابت من الأوّل هو الدية، قال تعالى (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلىََ أَهْلِهِ)
وكذلك الروايات دلّت على ذلك، فتجب الدية على نفس القاتل في كليهما إلاّ
أن الفرق بينهما في أنّه في الخطأ المحض يجب على العاقلة تفريغ ذمة القاتل،
فلو فرضنا أنّه لا عاقلة له، أو فرضنا أنّهم لا يتمكنون من دفع الدية
لفقرهم، أو أنّهم لا يدفعوها عصيانا ففي جميع ذلك تكون ثابتة في ذمة القاتل
ويجب عليه دفعها من كيسه، فهي بالنسبة إلى العاقلة تكليف محض.
فلو فرضنا أنّه في صورتي الخطأ لم يكن للقاتل مال كما إذا كان شبيها بالعمد
وكان القاتل عاجزا عن دفع الدية، أو كان من الخطأ المحض ولم تؤدّ العاقلة
عنه وهو عاجز عن دفع الدية، ففي هذه الصورة على من تكون الدية؟ في هذه
الصورة تكون الدية على الإمام عليه السّلام لا بما هو شخص بل بما هو إمام
يعني لا يجب عليه أن يؤدّي الدية من ماله الشخصي، وإنّما يؤدّي من بيت
المال على ما صرح به في بعض الروايات المعتبرة وإن لم يكن نص في خصوص
المقام يعني لم يرد في الخطأ بكلا قسميه شيء من ذلك لا نص قوي ولا ضعيف،
إلاّ أنّه لا شك في أنّه لا بدّ من دفع الدية من بيت المال، وذلك لورود
صحيحتين في غير المقام يستفاد منهما حكم المقام: إحدى الصحيحتين وردت في
الأعمى وأنّه إذا قتل أحدا لا قصاص عليه[1]،
[1] الموجود في الوسائل 29: 89 باب 35 من أبواب القصاص في النفس رواية واحدة وليس فيها(قتل)