اسم الکتاب : لمحات الأصول المؤلف : بروجردى، حسين الجزء : 1 صفحة : 419
نعم، هو يصحّ بالنسبة إلى الاستصحاب؛ فإنّه قاعدة شرعيّة (134) [1].
[1]. 134- أقول: هذا ما أدّى إليه نظري في سالف الزمان قبل الوصول إلى مباحث الاستصحاب، و لقد جدّدت النظر حين انتهاء بحثنا إليه فوجدت أنّه ليس أمارة شرعية، بل هو أصل تعبّدي، كما عليه المشايخ؛ لأنّ عمدة ما أوقعنا في هذا التوهّم أمران:
أحدهما: توهّم أنّ اليقين السابق كاشف عن الواقع كشفاً ناقصاً في زمان الشكّ، فهو قابل للأمارية كسائر الكواشف عن الواقع.
و ثانيهما: توهّم أنّ العناية في اعتباره و جعله إنّما هي إلى هذه الجهة بحسب الروايات، فتكون روايات الاستصحاب بصدد إطالة عمر اليقين و إعطاء تمامية الكشف له، و بعد إمعان النظر في بناء العقلاء و أخبار الباب ظهر بطلان المقدّمتين:
أمّا الاولى: فلأنّ اليقين لا يعقل أن يكون كاشفاً عن شيء في زمان زواله، و المفروض أنّ زمان الشكّ زمان زوال اليقين، فكيف يمكن أن يكون كاشفاً عن الواقع في زمان الشكّ؟!
نعم، الكون السابق- فيما له اقتضاء البقاء- و إن يكشف كشفاً ناقصاً عن بقائه، لكن لا يكون كشفه عنه أو الظنّ الحاصل منه؛ بحيث يكون بناء العقلاء على العمل به من حيث هو من غير حصول اطمئنان و وثوق.
و أمّا الثانية: فلأنّ العناية في الروايات ليست إلى جهة الكشف و الطريقية؛ أي إلى أنّ الكون السابق كاشف عن البقاء، بل العناية إنّما هي إلى أنّ اليقين لكونه أمراً مبرماً لا ينبغي أن ينقض بالشكّ الذي ليس له إبرام، فلا محيص عن القول: بأنّ الاستصحاب أصل تعبّدي شرعي، كما عليه المشايخ المتأخّرون.
و أمّا الاستصحاب العقلائي الذي في كلام المتقدّمين، فهو غير مفاد الروايات، بل هو عبارة عن الكون السابق الكاشف عن البقاء في زمن لاحق، و قد عرفت أنّ بناء العقلاء ليس على ترتيب الآثار بمجرّد الكون السابق ما لم يحصل الوثوق و الاطمئنان. (أنوار الهداية 1: 110 و 111).
اسم الکتاب : لمحات الأصول المؤلف : بروجردى، حسين الجزء : 1 صفحة : 419