و لا يخفى: أنّ المسلكَيْن مختلفان؛ من جهة أنّ الأوّل يثبت المطلوب بواسطة الدلالة اللفظيّة، فلا بدّ و أن يكون في البين نهي لفظيّ متعلّق بها. و في الثاني يثبت من جهة الدلالة العقليّة؛ سواء ثبتت الحرمة بدليلٍ لفظيّ أو لُبّيٍّ.
و أيضاً يفترقان من حيث إنّ ظهور النهي في الإرشاد يعمّ العبادات و المعاملات مطلقاً، بخلاف منافاة الحرمة مع الصحّة عقلًا، فإنّها تختصّ بالعبادات بالمعنى الأخصّ- أي ما يشترط فيها قصد التقرّب- و أمّا في غيرها فلا منافاة بينهما، إلّا على بعض التقريرات الآتية.
و بالجملة: المسلكان مختلفان من حيث الموضوع، و الدالّ، و كيفية الدلالة.
تتميم: أقسام النهي المتعلّق بالمعاملات
قد قسّم العلّامة الأنصاري قدس سره النهي المتعلّق بالمعاملات إلى أقسام [2]، و زاد المحقّق الخراساني رحمه الله قسماً آخر، و أمّا في العبادات فلم يذكرا إلّا قسماً واحداً [3].
و محصّل ما أفاد المحقّق الخراساني- بتوضيح منّا-: أنّ النهي الدالّ على الحرمة المتعلّق بالمعاملات على وجوه:
أحدها: أن يتعلّق بنفس المعاملة بما هي فعل مباشريّ- أي يكون صدور الإيجاب و القبول محرّماً- كالبيع وقت النداء.
ثانيهما: أن يتعلّق بمضمونها بما هو فعلٌ بالتسبيب، كبيع المصحف من كافرٍ.
[1] انظر مطارح الأنظار: 163/ السطر 11 و 28، و كفاية الاصول: 225- 226.