اسم الکتاب : لمحات الأصول المؤلف : بروجردى، حسين الجزء : 1 صفحة : 250
المفهوم من حيث هو فلا يتّصف بهما، كما أنّ الموجود من حيث هو لا يتّصف بهما، و إنّما يتّصف الموجود لأجل انطباق المفهوم المتوقّع وجوده عليه و عدمه. فكلّ موجودٍ يتوقّع لدى تحقّقه انطباق المفهوم و العنوان الذي له آثار عليه، يكون صحيحاً إذا تحقّق المفهوم به و انطبق عليه، و لا محالة تترتّب عليه الآثار المتوقّعة من هذا العنوان، و فاسداً إذا لم ينطبق عليه؛ لأجل فقدان ما يعتبر فيه من جزءٍ أو شرطٍ أو عدم مانعٍ. فالصلاة من حيث مرتبة ذاتها و ماهيّتها لا تتّصف بالفساد، بل هي ليست إلّا هي؛ فإنّ الماهيّة من حيث هي ليست إلّا هي، كما أنّ ما وجد في الخارج من التكبيرة و القراءة و الركوع و السجود من حيث هي وجودات لا تتّصف به، بل المتّصف بالصحّة و الفساد هو هذا الموجود المركّب؛ باعتبار ملاحظتها مع مفهوم الصلاة المتوقّع وجودها به، فإذا انطبق عليه عنوان الصلاة يتّصف بالصحّة و يترتّب عليه آثارها، و ذلك لا يكون إلّا بعد [تحقّق] الموجود الخارجي بجميع ما يعتبر في ماهيّة الصلاة وجوداً و عدماً، و إذا لم ينطبق عليه لنقصانٍ فيه يتّصف بالفساد، و إذا انطبق عليه الصلاة يكون لا محالة مُسقطاً للقضاء و الإعادة، و موافقاً للأمر و الشريعة.
فما وقع في كلمات القوم من الاصوليين و المتكلّمين [1] تعريفات باللوازم، لا تحصيل معنى الصحّة و الفساد.
و على ما ذكرنا: لا مانع من تفسير الصحيح بالتامّ، و الفاسد بالناقص؛ بالمعنى الذي ذكرنا (76) [2].
[1] انظر المستصفى من علم الاصول 1: 94، 95، و المحصول في علم اصول الفقه 1: 26، و الفصول الغروية: 140/ السطر 1، و مطارح الأنظار: 159/ السطر 3.
[2]. 76- قالوا: الصحّة و الفساد أمران إضافيان بينهما تقابل العدم و الملكة، مساوقان معنى للتمام و النقص لغةً و عرفاً، و كذا في نظر الفقهاء و المتكلّمين، و اختلاف تعبير الفريقين لأجل ما هو المهمّ في نظرهما.
أقول: أمّا مساوقتهما للتمام و النقص عرفاً و لغة فهو واضح الفساد؛ لاختلاف مفهومهما و موارد استعمالهما، فلا يقال لإنسان فاقد لبعض الأعضاء: إنّه فاسد، و يقال: ناقص، و الدار التي بعض مرافقها ناقصة لا يقال: إنّها فاسدة، و لا لما تمّت مرافقها: إنّها صحيحة بهذا الاعتبار.
فالتمام و الصحّة عنوانان بينهما عموم من وجه بحسب المورد، فالنقص بحسب الأجزاء غالباً، و التمام مقابله.
و أمّا الصحّة فغالب استعمالها في الكيفيات المزاجية أو الشبيهة بها، و مقابلها الفساد، و هو كيفية وجودية عارضة للشيء منافرة لمزاجه، و مخالفة لطبيعته النوعية، فالفاكهة الفاسدة ما عرضتها كيفية وجودية منافرة لمزاجها، تتنفّر عنها الطباع غالباً، فبين الصحّة و الفساد تقابل التضادّ لو سلّم كون الصحّة وجودية، و بين النقص و التمام تقابل العدم و الملكة. هذا بحسب اللغة و العرف.
و أمّا في العبادات و المعاملات، فلا إشكال في استعمال الصحّة و الفساد فيها مع فقد جزء أو شرط أو وجود مانع، فكأنّهما مساوقان للتمام و النقص أو قريبان منهما، لكن يمكن أن يكون بوضع جديد، و هو بعيد عن الصواب، و يمكن أن يكون باستعمالهما مجازاً ثمّ بلغا إلى حدّ الحقيقة.
فالصحّة في الماهيات المخترعة صفة لمصداق جامع لجميع الأجزاء و الشرائط، مطابق للمخترع و القانون، و الفساد مقابلها، و بينهما في هذا المورد تقابل العدم و الملكة، و بهذا المعنى يمكن أن يقال: إنّهما أمران إضافيان؛ لإمكان أن يكون عبادة تامّة الأجزاء ناقصة الشرائط، و بالعكس.
و أمّا الصحّة بالمعنى المتعارف، فليست كذلك، إلّا بالإضافة إلى حالات المكلّفين.
و أمّا اختلاف الأنظار في صحّة عبادة و عدمها، فلا يوجب إضافيتهما؛ لأنّ الأنظار طريق إلى تشخيص الواقع، فكلّ يخطئ الآخر، فما في كلام المحقّق الخراساني- من إثبات إضافيتهما بذلك- غير تامّ. (مناهج الوصول 2: 153- 154).
اسم الکتاب : لمحات الأصول المؤلف : بروجردى، حسين الجزء : 1 صفحة : 250