اسم الکتاب : لمحات الأصول المؤلف : بروجردى، حسين الجزء : 1 صفحة : 167
ثمّ إنّ القوم تشبّثوا لردّ إيراد البهائي رحمه الله بوجوه:
الوجه الأوّل: أنّ مجرّد الرجحان و المحبوبيّة يكفي لصحّة التقرّب، و لا تحتاج العبادة إلى الأمر، و لا يجد العقل فرقاً بين الفرد المبتلى بالمزاحم و غيره في وجدان تمام الملاك، من غير منقصة في المبتلى لأجل التزاحم [1].
الوجه الثاني: بناءً على احتياج صحّة العبادة للأمر، لا نسلّم امتناع تعلّق الأمر بشيئين؛ يكون أحدهما موسّعاً، و الآخر مضيّقاً، بل المسلّم امتناع تعلّقه بالمضيّقين، فيجوز تعلّق الأمر بالصلاة من دلُوك الشمس إلى غَسَق الليل، و بإزالة النجاسة عن المسجد في أوّل الوقت [2].
لكن لا يخفى: أنّه في الأوامر الموسّعة- إذا التزمنا بالتخيير الشرعي بين الأفراد- لا تدفع الاستحالة؛ ضرورة امتناع تعلّق الأمر بشيء معيّناً و تعلّق الأمر بضدّه على نحو التخيير؛ لاستلزامه الأمر بالضدّين.
نعم، ما هو الحقّ و الظاهر من الأدلّة- من أنّ الأوامر إنّما تتعلّق بالطبائع، و يكون الزمان مع كونه كُلّاً ذا أجزاء وهميّة، لا كليّاً ذا أفراد، ظرفاً لوقوع الطبيعة فيه، و تكون الطبيعة متكثّرة الأفراد باعتبار وقوعها في الزمان الموسّع- يدفع الاستحالة؛ ضرورة عدم تعلّق الأمر بالأفراد، بل ما يتعلّق الأمر به هو الكلّي الطبيعي، و الأفراد بخصوصيّاتها غير مأمور بها، و لا يكون تحقّق الامتثال بها لأجل تعلّق الأمر بالخصوصيّة، بل لأجل تعلّقه بالكلّي.
و بالجملة: لا ضدّيّة بين الأمر المتعلّق بالطبيعة في ظرف موسّع- كالزمان، مثل إيقاع الصلاة من دلوك الشمس إلى غَسَق الليل، و كالمكان الموسّع، مثل الوقوف في عرفات- و بين الأمر المتعلِّق بفرد مضادّ مع فرد منها؛ لعدم سراية