responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لمحات الأصول المؤلف : بروجردى، حسين    الجزء : 1  صفحة : 123

و أمّا الثاني: فكون شي‌ء شرطاً للمكلّف به ليس بمعنى‌ كونه مؤثّراً في وجوده، بل بمعنى‌ أنّه من حدوده و قيوده.

فتارة: يكون المكلّف به هو عنوان «الصلاة» التي يقارنها الستر، أو يتقدّم عليها الوضوء مثلًا، أو يتأخّر عنها شي‌ء، و من هذا القبيل صوم المستحاضة؛ فإنّ المأمور به هو الصوم المتقيّد بكونه متعقّباً بالأغسال الليليّة.

و تارة: يتعلّق التكليف بعنوان بسيط، غير منطبق بحسب الواقع إلّا على‌ شي‌ء، يكون مقارناً أو مسبوقاً أو ملحوقاً بشي‌ء.

و كلّ ذلك ممّا لا إشكال فيه أصلًا، و ليس في البين تأثير و تأثّر و علّيّة و معلوليّة.

و من ذلك يُعلم حال الوضع أيضاً؛ فإنّ ما هو موضوع انتزاع النقل و الانتقال منه هو العقد المتعقَّب بالإجازة، و ليس العقد من قبيل العلّة المؤثّرة؛ بمعنى‌ ما منه الوجود، بل هو موضوع لأمر اعتباريّ عند العقلاء بلا تأثير و تأثّر في البين، كما هو واضح (30) [1].


[1]. 30- و هاهنا طريق آخر لدفع الشبهة و تحقيقه يتّضح بعد مقدّمة و هي: أنّ للزمان- بما أنّه أمر متصرّم متجدّد متقضٍّ بذاته- تقدّماً و تأخّراً ذاتياً، لا بالمعنى الإضافي المقولي، و إن كان عنوان المتقدّم و المتأخّر معنيين إضافيين، و لا يلزم أن يكون المنطبق عليه للمعنى الإضافي إضافياً، كالعلّة و المعلول؛ فإنّهما بعنوانهما إضافيان، لكن المنطبق عليهما؛ أي ذات المبدأ تعالى‌- مثلًا- و معلوله، لا يكونان من الامور الإضافية، و كالضدّين؛ فإنّهما مقابل المتضايفين، لكن عنوان الضدّية من التضايف، و ذات الضدّين ضدّان.

فالزمان- بهويته التصرّمية- متقدّم و متأخّر بالذات، و الزمانيات متقدّمة بعضها على بعض بتبع الزمان؛ فإنّ الهوية الواقعة في الزمان الماضي بما أنّ لها نحو اتّحاد معه، تكون متقدّمة على الهوية الواقعة في الزمان الحال، و هي متقدّمة على الواقعة في الزمان المستقبل، و هذا النحو من التقدّم التبعي ثابت لنفس الهويتين؛ بواسطة وقوعهما في الزمان المتصرّم بالذات، و ليس من المعاني الإضافية و الإضافات المقولية. فالحوادث الواقعة في هذا الزمان متقدّمة بواقع التقدّم- لا بالمفهوم الإضافي- على الحوادث الآتية، لكن بتبع الزمان.

إذا عرفت ذلك يمكن لك التخلّص عن الإشكال؛ بجعل موضوع الحكم الوضعي و المكلّف به هو ما يكون متقدّماً بحسب الواقع على حادث خاصّ، فالعقد الذي هو متقدّم بتبع الزمان على الإجازة تقدّماً واقعياً، موضوع للنقل، و لا يكون مقدّماً عليها بواقع التقدّم التبعي إلّا أن تكون الإجازة متحقّقة في ظرفها، كما أنّ تقدّم الحوادث اليومية إنّما يكون على الحوادث الآتية، لا على ما لم يحدث بعد من غير أن تكون بينها إضافة كما عرفت.

و موضوع الصحّة في صوم المستحاضة ما يكون متقدّماً تقدّماً واقعياً؛ تبعاً للزمان على أغسال الليلة الآتية، و التقدّم الواقعي عليها لا يمكن إلّا مع وقوعها في ظرفها، و مع عدم الوقوع يكون الصوم متقدّماً على سائر الحوادث فيها، لا على هذا الذي لم يحدث، و الموضوع هو المتقدّم على الحادث الخاصّ.

و بما ذكرنا يدفع جميع الإشكالات، و كون ما ذكر خلاف ظواهر الأدلّة مسلّم، لكن الكلام هاهنا في دفع الإشكال العقلي، لا في استظهار الحكم من الأدلّة. (مناهج الوصول 1: 341- 343).

اسم الکتاب : لمحات الأصول المؤلف : بروجردى، حسين    الجزء : 1  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست