و كون أمثاله من قبيل حذف المضاف و قيام المضاف إليه مقامه ممّا يُخرج الكلامَ عن الحُسن و الحلاوة، و يجعله مُبتَذَلًا بارداً خارجاً عن فنون البلاغة.
و لعلّ الشيخ- رحمه اللَّه- لم يكن في مقام بيان كيفيّة المجازيّة، و كان بصدد بيان أنّ النفي إنّما بقي على حاله في مقابل القول بأنّ المستفاد منه النهي، كقوله: «فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ»[179] و في مقابل القول بأنّ المنفيّ هو الضرر الغير المتدارك[180] و غرضه بيان ما يُستفاد من الحديث بنحو نتيجة البرهان، لا كيفيّة استعمال
(لا ضررَ و لا ضِرار)
و بيان العلاقة المحقَّقة في البين بنحو مبدأ البرهان.
نعم يوهم ظاهر تعبيراته إرادته المعنى الأوّل؛ أي المجاز في الحذف، لكن التأمّل في كلامه و فيما ذكرنا يرفعه.
[178] هذا البيت مطلع للقصيدة المشهورة التي أنشدها الفرزدق في محضر هشام بن عبد الملك، يمدح فيها الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام، و التي يقول في آخرها:
من يعرف اللَّه يعرفْ أولويَّةَ ذا
فالدينُ من بيت هذا نالهُ الاممُ
و الفرزدق: هو همام بن غَالب بن صعصعة بن ناجية التميمي البصري، يكنى بأبي فراس، و كان من أشعر الناس، و أخباره كثيره لا يسعها المقام، توفي بالبصرة سنة 110 ه. انظر وفيات الأعيان 6: 86، شرح شواهد المغني للسيوطي 1: 14، الكنى و الألقاب 3: 22.