ففيه ما لا يخفى؛ لأنّ الظاهر من قوله (عليه السّلام) عمده خطأ أو عمده و خطأه واحد أنّ كلّ ما صدر منه عمداً خطأ تنزيلًا، فالعقد الصادر منه على قسمين: قسم صدر عمداً، و قسم خطأً، كمن أراد تزويج فاطمة من زيد، فأخطأ و قال: «زوّجت سكينة عمراً» أو أراد إجارة ملك فأنشأ بيعه خطأً، فكما أنّ الإنشاء الخطئيّ لا يترتّب عليه أثر، فكذلك العمديّ منه.
فكلّ ما صدر منه و أمكن تقسيمه إلى العمد و الخطأ، كان عمده بمنزلته، و الاختصاص بالأفعال التي ذكرها بلا مخصّص.
نعم، لا بدّ في التنزيل من أثر، إمّا في المنزّل، أو المنزّل عليه، أو فيهما، فقد يكون للفعل الخطئيّ أثر، و في العمديّ أثر آخر، و قد يكون في العمدي أثر، دون الخطئي أو العكس، و في جميعها يصحّ التنزيل، و أثره ثبوت الأثر تارةً، و سلبه اخرى، و ثبوت و سلب ثالثة.
كما أنّ ما قيل من أنّ التعبير بأنّ «عمد الصبيّ و خطاه واحد» إنّما يكون في مقام كان لكلّ من العمد و الخطأ حكم في الشريعة على خلاف الآخر، فيراد عدم تعدّده و اختلافه في الصبيّ، فيختصّ بباب الجنايات [2].
مدفوع: بأنّ الأظهر في مثل هذا التعبير إرادة سلب الأثر عن العمد، كما يقال: «فلان قوله و عدم قوله سواء» يراد أنّه لا يترتّب على قوله أثر، و لو منع هذا الظهور فلا أقلّ من إطلاقه لكلا الموردين، فلا وجه لاختصاصه بما ادّعي.
و أمّا
رواية أبي البختري التي جمع فيها بينهما، فقال (عليه السّلام) عمدهما خطأ تحمله العاقلة، و قد رفع عنهما القلم.