و الظاهر من غير الرواية الأُولى، الاختصاص بباب الجنايات، لا لمجرّد ذكر الحمل على العاقلة في ذيلها، بل لأنّ الظاهر من
قوله (عليه السّلام) عمده خطأ يحمل على العاقلة
أنّ مطلق عمده يحمل عليها، مع أنّ ما يحمل عليها فرد نادر من عمده.
فلا بدّ من أن يراد خصوص عمدة في الجنايات؛ لأجل معهوديّة كون الخطأ مورد الحكم، و هو الحمل على العاقلة، و إلّا يلزم منه التقييد إلى حدّ الاستهجان، فلا إطلاق فيها.
و أمّا حسنة محمّد بن مسلم، فهي و إن كان لها إطلاق، و مقتضى الصناعة لزوم الأخذ بإطلاقها؛ لعدم التنافي بينها و بين غيرها، لكونهما مثبتين، لكن ورود جميع الروايات المتقدّمة و غيرها- الواردة في المجنون و الأعمى في مورد الجناية، و كون الحكم فيها معهوداً، يوهن الإطلاق؛ لقوّة احتمال اتّكال المتكلّم على تلك المعهوديّة فلم يذكر القيد.
و أمّا ما قيل من «أنّ الظاهر مقابلة العمد و الخطأ، و إنّما يتصوّر العمد و الخطأ فيما أمكن انقسامه إليهما؛ بأن يكون ترتّب مسبّبه عليه قهراً معقولًا، فتارةً يصيب القصد بالإضافة إلى ما يترتّب عليه، و أُخرى يخطّأ عنه، كالرمي الذي يترتّب عليه القتل المقصود به تارةً، و غير المقصود به اخرى.
و لا يترتّب على الأسباب المعامليّة شيء قهراً، حتّى يكون تارةً مقصوداً من السبب، و أُخرى غير مقصود منه، ليوصف المترتّب عليه ب «إنّه عمديّ»
[1] المقنع: 521، مستدرك الوسائل 18: 418، كتاب الديات، أبواب العاقلة، الباب 8، الحديث 5.