اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 13 صفحة : 166
ثم انظر في
أمور عمالك ، فاستعملهم اختياراً ، ولا تولهم محاباة وإثرة ،
فإنّهما جماع من شعب الجور والخيانة ، وتوخ منهم أهل التجربة والحياء ، من أهل
البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام المتقدمة ، فإنّهم أكرم أخلاقاً ، وأصح
اعراضاً ، وأقلّ في المطامع إسرافاً [١٠٠] ، وأبلغ في عواقب الأمور نظراً ، ثم أسبغ
عليهم الأرزاق ، فإنّ ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم ، وغنى لهم عن تناول
ما تحت أيديهم ، وحجّة عليهم إن خالفوا أمرك ، أو ثلموا أمانتك ، ثم تفقّد
أعمالهم ، وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم ، فإنّ تعاهدك في السر
لأمورهم ، حدوة [١٠١] لهم على استعمال الأمانة والرفق بالرعية ، وتحفظ من
الأعوان ، فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة ، اجتمعت بها عليه عندك أخبار
عيونك ، اكتفيت بذلك شاهداً ، فبسطت عليه العقوبة في بدنه ، وأخذت ما
أصاب من عمله ، ثم نصبته بمقام المذلة ، ووسمته بالخيانة ، وقلّدته عار التهمة. وتفقّد
أمر الخراج بما يصلح أهله ، فإنّ في صلاحه وصلاحهم صلاحاً لمن
سواهم ، ولا صلاح لغيرهم إلّا بهم ، لأنّ الناس كلّهم عيال على الخراج وأهله ،
وليكن نظرك في عمارة الأرض ، أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ، لأنّ ذلك
لا يدرك إلّا بالعمارة ، ومن طلب الخراج بغير عمارة ، أخرب البلاد وأهلك
العباد ، ولم يستقم امره إلّا قليلا ، فان شكوا علة أو ثقلا أو انقطاع شرب ، أو
بالّة أو إحالة أرض اغتمرها غرق ، وأجحف بها عطش ، خففت عنهم بما ترجو
أن يصلح به أمرهم ، ولا يثقلنّ شيء عليك خففت به المؤونة عنهم ، فإنّه ذخر
يعودون به عليك في عمارة بلادك وتزيين ولايتك ، مع استجلابك حسن ثنائهم ،
وتبجحك باستفاضة العدل فيهم ، معتمداً فضل قوتهم ، بما ذخرت عندهم من
اجمامك لهم ، والثقة منهم بما عودتهم من عدلك عليهم ، في رفقك بهم ، فربما
حدث من الأمور ما إذا عولت فيه عليهم من بعد ، احتملوه طيّبة أنفسهم به ،