اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 13 صفحة : 167
فإنّ العمران يحتمل ما حملته ، وإنّما يؤتى خراب الأرض من اعواز أهلها ،
وإنّما
يعوز أهلها لاشراف أنفس الولاة على الجمع ، وسوء ظنهم بالبقاء ، وقلّة انتفاعهم
بالعبر.
ثم انظر في حال
كتّابك ، فولّ على أمورك خيرهم ، واخصص رسائلك
التي تدخل فيها مكائدك وأسرارك ، بأجمعهم لوجوده صالح الأخلاق ، ممن لا
تبطره الكرامة فيجترئ بها عليك ، في خلاف لك ، بحضرة ملأ ، ولا يقصر به
الغفلة عن ايراد مكاتبات عمالك عليك ، واصدار جواباتها على الصواب عنك ،
وفيما يأخذ لك ويعطي منك ، ولا يضعف عقداً اعتقده لك ، ولا يعجز عن
اطلاق ما عقد لك ، ولا يجهل مبلغ قدر نفسه في الأمور ، فإنّ الجاهل بقدر نفسه
يكون بقدر غيره أجهل ، ثم لا يكن اختيارك إيّاهم على فراستك واستنامتك
وحسن الظن منك ، فإنّ الرجال يتعرضون لفراسات الولاة بتصنعهم وحسن
خدمتهم ، وليس وراء ذلك من النصيحة والأمانة شيء ، ولكن اختبرهم بما ولوا
للصالحين قبلك ، فاعمد لأحسنهم كان في العامة اثراً ، واعرفهم بالأمانة وجهاً ،
فإنّ ذلك دليل على نصيحتك لله ، ولمن وليت أمره ، واجعل لرأس كلّ أمر من
أمورك رأساً منهم ، لا يقهره كبيرها ، ولا يشتت عليه كثيرها ، ومهما كان في
كتّابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته.
ثم استوص
بالتجار وذوي الصناعات ، وأوص بهم خيراً ، المقيم منهم
ببدنه ، والمضطرب بماله ، والمترفق بيديه ، فإنّهم مواد المنافع ، وأسباب المرافق
،
وجلابها عن المباعد والمطارح ، في برك وبحرك ، وسهلك وجبلك ، وحيث لا
يلتئم الناس لمواضعها ، ولا يجترؤون عليها ، فإنّهم سلم لا تخاف بائقته وصلح لا
تخشى غائلته ، وتفقّد أمورهم بحضرتك وفي حواشي بلادك ، واعلم مع ذلك أنّ
في كثير منهم ضيقاً فاحشاً ، وشحاً قبيحاً ، واحتكاراً للمنافع ، وتحكماً في
البياعات ، وذلك باب مضرة للعامة ، وعيب على الولاة ، فامنع من الاحتكار ،
فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله منع منه ، وليكن البيع بيعاً سمحاً ، بموازين
اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 13 صفحة : 167