اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 13 صفحة : 165
بحيطتهم على ولاة أمورهم ، وقلّة استثقال دولهم ، وترك استبطاء
انقطاع مدتهم ، فافسح في آمالهم ، وواصل من حسن الثناء عليهم ، وتعديل ما ابلى
ذووا البلاء منهم ، فإنّ كثرة الذكر لحسن فعالهم ، تحضّ الشجاع وتحرض
الناكل ، إن شاء الله.
ثم اعرف لكلّ امرئ
منهم ما أبلى ، ولا تضمنّ [٩٧] بلاء امرئ إلى غيره ، ولا
تقصرنّ به دون غاية بلائه ، ولا يدعونّك شرف امرئ إلى أن تعظم من بلائه ما كان
صغيراً ، ولا ضعة امرئ إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيماً ، واردد إلى الله
ورسوله ما يضلعك [٩٨] من الخطوب ، ويشتبه عليك من الأمور ، فقد قال الله
سبحانه لقوم أحبّ ارشادهم : (يا أيها الذين آمنوا
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم ، فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)[٩٩] فالرد إلى
الله الاخذ بمحكم كتابه ، والرد إلى الرسول الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرقة.
ثم اختر للحكم
بين الناس ، أفضل رعيتك في نفسك ، ممّن لا تضيق به
الأمور ، ولا يمحكه الخصوم ، ولا يتمادى في الزلة ، ولا يحصر من الفيء إلى
الحقّ إذا عرفه ، ولا يشرف نفسه إلى طمع ، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه ،
أوقفهم في الشبهات ، وآخذهم بالحجج ، وأقلّهم تبرماً بمراجعة الخصم ،
وأصبرهم على تكشف الأمور ، وأصرمهم عند اتضاح الحكم ، ممن لا يزدهيه
اطراء ، ولا يستميله اغراء ، وأُولئك قليل ، ثم أكثر تعاهد قضائه ، وافسح له
في البذل ما يزيح علته ، وتقل معه حاجته إلى الناس ، واعطه من المنزلة لديك ما
لا يطمع فيه غيره من خاصتك ، ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك ، فانظر في
ذلك نظرا بليغاً ، فإنّ هذا الدين قد كان أسيراً في أيدي الأشرار ، يعمل فيه
بالهوى وتطلب فيه الدنيا.
[٩٨] قال ابن الأثير في النهاية : وحديث
عليّ (عليه السلام) : «وارد إلى الله ورسوله
ما يضلعك من الخطوب» : أي يثقلك (النهاية ج ٣ ص ٩٦) ، وفي نسخة : يطلعك.