اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 13 صفحة : 159
نفسك قسما) [٧٩] ووقتاً ، تأذن لهم فيه ، وتتسع بما يرفعونه إليك ،
وتلين لهم
جناحك ، وتحتمل خرق ذوي الخرق منهم ، وعيّ أهل العيّ فيهم ، بلا أنفة
منك ولا ضجر ، فمن أعطيت منهم فاعطه هنيئا ، ومن حرمت منهم فامنعه باجمال
وحسن ردّ ، وليس من شيء أضيع لأمور الولاة من التواني ، واغتنام تأخير يوم إلى
يوم ، وساعة إلى ساعة ، والتشاغل بما لا يلزم عمّا يلزم ، فاجعل لكلّ شيء تنظر
فيه وقتا لا يقصر به عنه ، ثم افرغ فيه مجهودك ، وامض لكلّ يوم عمله ، واعط
لكلّ ساعة قسطها ، واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله أفضل تلك المواقيت ،
وان كانت كلّها لله إذا صحت نيتك ، ولا تقدم شيئاً على فرائض دينك في ليل ولا
نهار ، حتّى تؤدّي ذلك كاملاً موفراً ، ولا تطل الاحتجاب ، فإنّ ذلك باب من
سوء الظنّ بك ، وداعية إلى فساد الأمور عليك ، والناس بشر لا يعرفون ما غاب
عنهم ، وتخيّر حجابك ، وأقص منهم كلّ ذي اثرة على الناس ، وتطاول وقلّة
انصاف ، ولا تقطع أحداً من حشمك ولا من أهلك ضيعة ، ولا تأذن لهم في
اتخاذها ، إذا كان يضر فيها بمن يليه من الناس ، ولا تدفعن صلحاً دعاك إليه
عدوك ، فإنّ في الصلح دعة للجنود ، ورخاء للمهموم [٨٠] ، وأمناً للبلاد ، فإنّ
أمكنتك القدرة والفرصة من عدوك ، فانبذ عهده إليه ، واستعن بالله عليه ، وكن
أشدّ ما تكون لعدوّك حذراً ، عندما يدعوك إلى الصلح ، فإنّ ذلك ربّما كان مكراً
وخديعة ، وإذا عاهدت فحط عهدك بالوفاء ، وارع ذمتك بالأمانة والصدق ،
وإيّاك والغدر بعهد الله ، والاخفار لذمّته ، فإنّ الله جعل عهده أماناً أمضاه بين
العباد برحمته ، والصبر على ضيق ترجو انفراجه ، خير من غدر تخاف أوزاره
وتباعته وسوء عاقبته ، وإيّاك والتسرع إلى سفك الدماء لغير حلّها ، فإنّه ليس
شئ أعظم من ذلك تباعة ، ولا تطلبنّ تقوية ملك زائل لا تدري ما حظّك من
بقائه وبقائك له ، بهلاك نفسك والتعرض لسخط ربّك ، إيّاك والاعجاب بنفسك
والثقة بها ، فإنّ ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه إيّاك ، والعجلة بالأمور