اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 13 صفحة : 157
حسن الظن منك بهم ، فإنّه ليس شيء أكثر اختلافاً لفراسة أولي الأمر ، ولا
خلافاً لحسن ظنونهم من كثير من الرجال ، ولكن اخترهم على آثارهم فيما ولّوا
قبلك ، فإنّ ذلك من صالح ما يستدل به الناس بعضهم على أمور بعض ، واجعل
لرأس كلّ امر من تلك الأمور ، رئيساً من أهل الأمانة والرأي ، ممّن لا يقهره كبير
الأمور ، ولا يضيّع لديه صغيرها ، [ثم لا تدع مع ذلك] [٧٣] أن تتفقّد
أمورهم ، وتنظر في أعمالهم ، وتتلطف بمسألة ما غاب عنك من أحوالهم ، حتى
تعلم كيف معاملتهم الناس فيما ولّيتهم؟ فإنّ في كثير من الكتّاب شعبة من العزّ ،
ونخوة واعجاباً ، وتسرعاً كثيراً من التبرم بالناس ، والضجر عند المنازعة ،
والضيق عند المراجعة ، ولا بدّ للناس من طلب حاجاتهم ، فمتى جمعوا عليهم
الابطاء بها والغلظة ، ألزموك عيب ذلك ، وادخلوا مؤونته عليك ، وفي النظر في
ذلك من صلاح أمورك ، مع ما لك عند الله من الجزاء حظّ عظيم ، إن شاء الله
تعالى.
ذكر ما ينبغي للوالي أن ينظر فيه من أمر طبقة التجار والصنائع [٧٤] :
انظر إلى
التجار وأهل الصناعات ، واستوص بهم خيراً ، فإنّهم مادّة
للناس ، ينتفعون بصناعاتهم ، وممّا يجلبون إليهم من منافعهم ومرافقهم ، في البر
والبحر ، ومن رؤوس الجبال ، وبلدان مملكة العدوّ ، وحيث لا يعرف أكثر
الناس مواضع ما يحتاجون إليه من ذلك ، ولا يطيقون الايثار [٧٥] به [٧٦]
بأنفسهم ، فلهم بذلك حق وحرمة ، يجب حفظهما لهم ، فتفقّدوا أمورهم ،
واكتب إلى عمالك فيهم ، واعلم مع ذلك أنّ في كثير منهم شحاً قبيحاً ، وحرصاً
شديداً ، واحتكاراً للتربص والغلاء ، والتضييق على الناس ، والتحكم عليهم ،
وفي ذلك مضرّة عظيمة على الناس ، وعيب على الولاة ، فامنعهم من ذلك ،