اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 13 صفحة : 155
العمل [٦٣] يحتمل بإذن الله ما حمّلت عليه ، وعمران البلاد أنفع من
عمران
الخزائن ، لأنّ مادة عمران الخزائن إنّما تكون من عمران البلاد ، وإذا خربت
البلاد انقطعت مادة الخزائن ، فخربت بخراب الأرض ، وإنّما يؤتى خراب
الأرض وهلاك أهلها ، من إسراف أنفس الولاة في الجمع ، وسوء ظنّهم بالمدة ،
وقلّة انتفاعهم بالغير [٦٤] ، ليس بهم [إلّا] [٦٥] أن يكونوا يعرفون [أنّ] [٦٦]
التخفيف واستجمامهم بذلك في العام للعام القابل ، والانفاق على ما ينبغي
الانفاق عليهم منها ، ما هو أزجى لخراجها ، وأحسن لأثرهم ، فيها ، ولكنّهم
يقولون ويقول القائل لهم : لا تؤخروا جباية العام إلى قابل ، كأنّكم واثقون
بالبقاء إلى قابل ، ولكفى عجباً برأيهم في ذلك ، وبرأي من يزينه لهم ، فما الوالي
إلّا على احدى منزلتين : أمّا أن يبقى إلى
قابل ، فيكون قد اصلح الأرض
واستصلح رعيته ، فرأى حسناً في عاقبة اثره [٦٧] في ذلك ، ما تقرّ به عينه ، ويكثر
به سروره ، وتقلّ به همومه ، ويستوجب به حسن الثواب على ربّه ، وأمّا أن
تنقطع مدته قبل القابل ، فهو إلى ما عمل به من صلاح واحسان أحوج ، والثناء
عليه [٦٨] والدعاء له أكثر ، والثواب له عند الله أفضل ، وإن جمع لغيره في
الخزائن ، ما أخرب به البلاد وأهلك به الرعية ، صار مرتهناً لغيره والإثم فيه
عليه ، وليس تبقى من أمور الولاة إلّا ذكرهم ، وليس يذكرون إلّا بسيرهم
وآثارهم ، حسنة كانت أم قبيحة ، فأمّا الأموال فلا بد من أن يؤتى عليها ،
فيكون نفعها لغيره ، أو لنائبة من نوائب الدهر تأتي عليها ، فتكون حسرة على
أهلها ، وإن أحببت أن تعرف عواقب الاحسان والإساءة ، وضياع العقول من
ذلك ، فانظر في أمور من مضى من صالح العمال والولاة وشرارهم ، وهل تجد
منهم أحداً ممن حسنت في الناس سيرته وخفّت عليهم مؤونته ، إذا سخط باعطاء