اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 13 صفحة : 154
عيال عليهم ، وليكن نظرك في عمارة أرضهم وصلاح معاشهم ، أشدّ من نظرك
في زجاء [٥٦] خراجهم ، فإنّ الزجاء لا يكون إلّا بالعمارة ، ومن يطلب
الزجاء
بغير العمارة ، يخرب البلاد ويهلك العباد ، ولا يقيم ذلك إلّا قليلاً ، ولكن اجمع
أهل الخراج من كلّ بلد ، ثم مرهم فليعلموك حال بلادهم ، والذي فيه
صلاحهم وصلاح أرضهم ، ورجاء خراجهم ، ثم سل عمّا يدفعون إليك أهل العلم
من غيرهم ، فإنّ شكوا إليك ثقل خراجهم ، أو علّة دخلت عليهم ، من
انقطاع ماء [٥٧] ، أو فساد أرض غلب عليها غرق أو عطش أو آفة مجحفة ،
خففت عنهم ما ترجو أن يصلح الله به ما كان من ذلك ، وأمرت بالمعونة على
استصلاح ما كان من أمورهم ، مما لا يقوون عليه ، لأنّ الله جاعل لك في عاقبة
الاستصلاح غبطة وثواباً إن شاء الله ، فاكفهم مؤونة ما كان من ذلك ، ولا تثقلنّ
شيئاً خففته عنهم ، وإن احتملته من المؤونات ، فإنّما هو ذخر لك عندهم ،
يقوون [٥٨] به على عمارة بلادك ، وتزيين ملكك ، مع ما يحسن الله به من ذكرك ،
ويستجمهم [٥٩] به لغدك ، ثم تكون مع ذلك بما ترى من عمارة أرضهم ،
ورجاء
خراجهم ، وظهور مودّتهم ، وحسن نياتهم [٦٠] ، واستفاضة الخير فيهم ، أقرّ عيناً
وأعظم غبطة ، وأحسن ذخراً ، منك بما كنت مستخرجاً منهم بالكدّ والاجحاف ،
فإن حزنك [٦١] أمر تحتاج فيه إلى الاعتماد عليهم ، وجدت معتمداً بفضل قوتهم
على ما تريد ، بما ذخرت فيهم من الجمام ، وكانت مودتهم لك وحسن ظنّهم [٦٢]
وثقتهم بما عوّدتهم من عدلك ورفقك ، مع معرفتهم بقدرك فيما حدث من
الأمور ، قوّة لهم يحتملون بها ما كلفتهم ، ويطيبون بها نفساً بما حملتهم ، فإنّ
[٥٦] زجا الخراج : تيسرت جبايته (لسان
العرب ج ١٤ ص ٣٥٤).