وَ إِنَّكَ تَتَوَلَّى أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ وَ كُنْتُ أُبْغِضُكَ عَلَى ذَلِكَ فَأَحْرَمْتُكَ مَالِي وَ دَفَنْتُهُ عَنْكَ فَأَنَا الْيَوْمَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ النَّادِمِينَ فَانْطَلِقْ إِلَى حَدِيقَتِي فَاحْتَفِرْ تَحْتَ الزَّيْتُونَةِ فَخُذِ الْمَالَ وَ هُوَ مِائَةٌ وَ خَمْسُونَ أَلْفاً فَادْفَعْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ خَمْسِينَ أَلْفاً وَ لَكَ الْبَاقِي قَالَ فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ حَتَّى آتِيَ بِالْمَالِ قَالَ أَبُو عُيَيْنَةَ فَلَمَّا كَانَ الْحَوْلُ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع مَا فَعَلَ الرَّجُلُ قَالَ قَدْ جَاءَنَا بِخَمْسِينَ أَلْفاً قَضَيْتُ بِهَا دَيْناً كَانَ عَلَيَّ وَ ابْتَعْتُ بِهَا أَرْضاً وَ وَصَلْتُ مِنْهَا أَهْلَ الْحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي أَمَا إِنَّ ذَلِكَ سَيَنْفَعُ الْمَيِّتَ النَّادِمَ عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْ حُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ ضَيَّعَ مِنْ حَقِّنَا بِمَا أَدْخَلَ عَلَيَّ مِنَ الرِّفْقِ وَ السُّرُورِ وَ قَالَ ع نَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنُ الْحِكْمَةِ وَ مَوْضِعُ الْمَلَائِكَةِ وَ مَهْبِطُ الْوَحْيِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ جَابِراً كَانَ يَقْعُدُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ مُعْتَمٌّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَ كَانَ يُنَادِي يَا بَاقِرَ الْعِلْمِ يَا بَاقِرَ الْعِلْمِ فَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ إِنَّ جَابِراً يَهْجُرُ وَ كَانَ يَقُولُ وَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ وَ لَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ إِنَّكَ سَتُدْرِكُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي اسْمُهُ اسْمِي وَ شَمَائِلُهُ شَمَائِلِي يَبْقُرُ الْعِلْمَ بَقْراً فَذَاكَ الَّذِي دَعَانِي إِلَى مَا أَقُولُ قَالَ فَبَيْنَا جَابِرٌ يَتَرَدَّدُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ إِذَا هُوَ بِطَرِيقٍ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ يَا غُلَامُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ فَقَالَ شَمَائِلُ رَسُولِ اللَّهِ وَ الَّذِي نَفْسُ جَابِرٍ بِيَدِهِ يَا غُلَامُ مَا اسْمُكَ قَالَ اسْمِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ يُقَبِّلُ رَأْسَهُ وَ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ قَالَ فَرَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ هُوَ ذَعِرٌ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ قَدْ فَعَلَهَا جَابِرٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا بُنَيَّ الْزَمْ بَيْتَكَ قَالَ وَ كَانَ جَابِرٌ يَأْتِيهِ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَ كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ وَا عَجَبَاهْ لِجَابِرٍ يَأْتِي هَذَا الْغُلَامَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَ هُوَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَضَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع وَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يَأْتِيهِ عَلَى وَجْهِ الْكَرَامَةِ لِصُحْبَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ فَجَلَسَ فَحَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَا رَأَيْنَا أَحَداً قَطُّ أَجْرَأَ مِنْ هَذَا قَالَ فَلَمَّا رَأَى مَا يَقُولُونَ فَحَدَّثَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَا رَأَيْنَا أَحَداً قَطُّ أَكْذَبَ مِنْ هَذَا يُحَدِّثُ عَمَّنْ لَمْ يَرَهُ قَالَ فَلَمَّا رَأَى مَا يَقُولُونَ حَدَّثَهُمْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَصَدَّقُوهُ وَ كَانَ جَابِرٌ وَ اللَّهِ يَأْتِيهِ وَ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ.