قَدْ أَقْبَلَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَسْعَى حَتَّى دَنَا مِنَ الْحَجَرِ فَطَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعاً ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْمَقَامَ فَقَامَ عَلَى ذَنَبِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَ ذَلِكَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَبَصُرَ بِهِ عَطَاءٌ وَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَتَوْنِي فَقَالُوا يَا أَبَا جَعْفَرٍ هَلْ رَأَيْتَ هَذَا الْجَانَّ فَقُلْتُ رَأَيْتُهُ وَ مَا صَنَعَ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ انْطَلِقُوا إِلَيْهِ فَقُولُوا لَهُ يَقُولُ لَكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِنَّ الْبَيْتَ يَحْضُرُهُ أَعْبُدٌ وَ سُودَانٌ وَ هَذِهِ سَاعَةُ خَلْوَتِهِ مِنْهُمْ وَ قَدْ قَضَيْتَ نُسُكَكَ وَ نَحْنُ نَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ مِنْهُمْ فَلَوْ خَفَّفْتَ وَ انْطَلَقْتَ قَالَ فَكَوَّمَ كُومَةً مِنْ بَطْحَاءِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ وَضَعَ ذَنَبَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ مَثُلَ فِي الْهَوَاءِ.
عَنْ أَبِي عُيَيْنَةَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لَمْ أَزَلْ وَ اللَّهِ أَتَوَلَّاكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ أَتَبَرَّأُ مِنْ أَعْدَائِكُمْ وَ إِنَّ أَبِي لَا رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ يَتَوَلَّى بَنِي أُمَيَّةَ وَ يُفَضِّلُهُمْ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُ أُبْغِضُهُ عَلَى ذَلِكَ وَ كَانَ يُبْغِضُنِي عَلَى حُبِّكُمْ وَ يَحْرِمُنِي مَالَهُ وَ يَجْفُونِي فِي حَيَاتِهِ وَ بَعْدَ مَمَاتِهِ وَ قَدْ كَانَ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ غَيْرِي وَ كَانَ مَسْكَنُهُ بِالرَّمْلَةِ وَ كَانَتْ لَهُ حَبِيبَةٌ يَخْلُو بِهَا لِفِسْقِهِ فَلَمَّا مَاتَ طَلَبْتُ مَالَهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ فَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ وَ لَسْتُ أَشُكُّ أَنَّهُ دَفَنَهُ فِي مَوْضِعٍ وَ أَخْفَاهُ مِنِّي لَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَ فَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهُ وَ تَسْأَلَهُ أَيْنَ وَضَعَ مَالَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ نَعَمْ وَ إِنِّي مُحْتَاجٌ فَقِيرٌ فَكَتَبَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ كِتَاباً بِيَدِهِ فِي رَقٍّ أَبْيَضَ ثُمَّ خَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ تُنَادِي يَا درجان فَإِنَّهُ سَيَأْتِيكَ رَجُلٌ مُعْتَمٌّ فَادْفَعْ إِلَيْهِ كِتَابِي وَ قُلْ أَنَا رَسُولُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَاسْأَلْهُ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ فَأَخَذَ الرَّجُلُ الْكِتَابَ وَ انْطَلَقَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُعْتَمِداً لِأَنْظُرَ مَا حَالُ الرَّجُلِ فَإِذَا هُوَ عَلَى بَابِ أَبِي جَعْفَرٍ ع يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْذَنُ لَهُ فَدَخَلْنَا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ اللَّهُ أَعْلَمُ عِنْدَ مَنْ يَضَعُ عِلْمَهُ وَ قَدِ انْطَلَقْتُ بِكِتَابِكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى تَوَسَّطْتُ الْبَقِيعَ فَنَادَيْتُ درجانا فَأَتَى رَجُلٌ مُعْتَمٌّ فَقَالَ أَنَا درجان فَمَا حَاجَتُكَ فَقُلْتُ أَنَا رَسُولُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَيْكَ وَ هَذَا كِتَابُهُ فَقَالَ مَرْحَباً بِرَسُولِ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ فَأَخَذَ كِتَابَهُ فَقَرَأَهُ فَقَالَ أَ تُحِبُّ أَنْ تَرَى أَبَاكَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَلَا تَبْرَحْ مِنْ مَوْضِعِكَ حَتَّى آتِيَكَ بِهِ فَإِنَّهُ بِضَجْنَانَ فَانْطَلَقَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى أَتَانِي بِرَجُلٍ أَسْوَدَ فِي عُنُقِهِ حَبْلٌ أَسْوَدُ مُدْلِعٌ لِسَانَهُ يَلْهَثُ وَ عَلَيْهِ سِرْبَالٌ أَسْوَدُ فَقَالَ لِي هَذَا أَبُوكَ وَ لَكِنْ غَيَّرَهُ اللَّهَبُ وَ دُخَانُ الْجَحِيمِ وَ جُرَعُ الْحَمِيمِ وَ عَذَابُ الْأَلِيمِ فَقُلْتُ لَهُ أَنْتَ أَبِي فَقَالَ نَعَمْ قُلْتُ مَنْ غَيَّرَكَ وَ غَيَّرَ صُورَتَكَ قَالَ إِنِّي كُنْتُ أَتَوَلَّى بَنِي أُمَيَّةَ وَ أُفَضِّلُهُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَعَّذَبَنِي اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ