تقدم في صحيح ابن جعفر، الذي ينصرف الإضرار فيه إلى ما يعتد به عرفاً.
كما أنه المناسب للاكتفاء فيه بالخوف ـ على ما يأتي ـ لأن الخوف إنما يكون من محذور، لا من كل شيء. اللهم إلا أن يقال: لا إطلاق يقتضي الاكتفاء بالخوف من الصوم، بل الدليل عليه يختص بالخوف من الرمد، والتعدي منه لغير الرمد إنما يقتضي عموم الاكتفاء بالخوف في مقام الإثبات، لا عموم المانعية من الصوم لكل محذور يصدق معه الخوف في مقام الثبوت. فالعمدة ما ذكرناه أولاً.
هذا وفي موثق عمار عن أبي عبدالله?: «في الرجل يجد في رأسه وجعاً من صداع شديد هل يجوز له الإفطار؟ قال: إذا صدع صداعاً شديداً، وإذا حمّ حمى شديدة، وإذا رمدت عيناه رمداً شديداً، فقد حلّ له الإفطار»[1]. وقد يظهر منه اعتبار الشدة في المرض، لقرب سوق الوصف فيه للمفهوم.
اللهم إلا أن يقال: الأمراض المذكورة في الموثق متقومة عرفاً ـ خصوصاً في العصور السابقة ـ بأثر ظاهر محسوس مجهد، ومع عدم الشدة في أثرها لا يعتد بها عرفاً، لعدم إجهادها، بل قد لا تعدّ مرضاً عرفاً، وذلك لا يستلزم اعتبار الشدة في كل مرض حتى ما كان محذوراً في نفسه من دون أن يتقوم بالأثر المجهد حين الصوم، كمرض القلب والكلى وغيرهما. مما قد تظهر آثاره على الأمد البعيد.
كيف وفي صحيح بكر بن محمد الأزدي عنه?: «سأله أبي وأنا أسمع عن حدّ المرض الذي يترك الإنسان فيه الصوم، قال: إذا لم يستطع أن يتسحر»[2]، ومن الظاهر أنه عبارة عن ضعف المعدة بنحو لا يهضم طعام الإفطار معه عند السحر، وهو ليس مرضاً شديداً عرفاً. بل ما تقدم من إيكال الأمر للمكلف، وأنه أعلم بنفسه، لا يناسب جداً اعتبار شدة المرض. فلاحظ. [1] ، [2] وسائل الشيعة ج:7 باب:20 من أبواب من يصح منه الصوم حديث:6، 2.