فتركه أمير المؤمنين عليه السّلام بحاله، مع انّ فى القلب كان منه شجى، و فى العين منه قذى.
و روى أيضا انّه عليه السّلام سخط عليه مرّة فطرده من الكوفة و لم يعزله عن القضاء و أمره بالقيام ببانقيا و كانت قرية من الكوفة أكثر سكّانها اليهود، فأقام بها مدّة حتّى رضى عنه و أعاده إلى الكوفة، و بالجملة فالأخبار فى خباثة رأى هذا الرّجل، و سوء عاقبته كثيرة، و حسب الدّلالة على غاية ملعنته و شقاوته كونه من جملة من ترك إغاثة مولانا الحسين عليه السّلام بكلمة خير عند بنى أميّه كانت تمكّنه يقينا بل كونه من جملة من تسبّب ذلك منه، و من أمثاله الذين كانوا يطاؤن بساط الظّالم عبيد اللّه بن زياد الملعون فى دار الامارة كوفة؛ كما يشهد بذلك واقعة مسلم بن عقيل المظلوم، و ولديه الشّهيدين و ما صدر منه فى حقّهم، و بدر منه على قتلهم، و يؤيّده أيضا ما نقل عن أبى مخنف الأزدى صاحب المقتل أنّه ذكره من جملة من قتله المختار فى زمن إنتقامه من بنى أميّة و أتباعهم الملعونين، فليتامّل.
و فى شرح ابن ابى الحديد المعتزلى على «نهج البلاغة» كما نقل عنه نقلا عن أبى نعيم عن عمرو بن ثابت عن أبى إسحاق، قال: ثلاثة يؤمنون على علىّ بن أبيطالب عليه السّلام: مسروق؛ و مرّة و شريح، و روى أنّ الشّعبى رابعهم[1].
و المراد بالشّعبى بالفتح هو عامر بن شراحيل بن عبد ذى كبار الحميرى الملعون الذى كان أحد أساطين فقه العامّة و بمنزلة ابن عبّاس عندهم، و هو القائل للحارث الهمدانى بعد ما ذكر له حديثه المشهور مع أمير المؤمنين عليه السّلام: انّ حبّه لا ينفعك؛ و بغضه لا يضرّك[2].