لا تتعرض اليه فانّه سريع الجواب، فابى الّا مشاكلته، فقال له بشار، و كان اعمى، يا أبا العلاء فقال: لبيك، فقال ما الجرنفل فى كلام العرب؟ فعرف ابو العلاء انه قد وضع هذه الكلمة، و ليس لها اصل فى اللغة، فقال له بعدان اطرق ساعة: هو الذى يفعل بنساء العميان و لا يفعل بغيرهن، و لا يكون الجرنفل جرنفلا حتى لا يتعداهن إلى غيرهنّ، و هو فى ذلك كلّه يصرّح و لا يكنّى؛ قال: فخجل بشار و انكسر و ضحك من كان حاضرا، فقال الموفّق:
قلت لك لا تفعل فلم تقبل.
و توفى صاعد المذكور سنة سبع عشرة و أربعمأة بصقلية- رحمه اللّه تعالى[1]- كذا ذكره ابن خلكان. و قال ايضا و لمّا ظهر للمنصور كذبه فى النّقل و عدم تثبته رمى كتاب «الفصوص» فى النّهر، لانّه قيل له: جميع ما فيه لا صحة له، فعمل فيه بعض شعراء عصره.
قد غاص فى البحر كتاب الفصوص
و هكذا كلّ ثقيل يغوص
و له اخبار كثيرة فى الامتحان، و لو لا التطويل لذكرتها[2].
و قال ابن مكتوم المؤرخ فى ترجمة هذا الرّجل كما نقله صاحب «البغية» كان مقدّما فى علم اللّغة و معرفة العويص؛ و كان احضر النّاس شاهدا، و أرواهم لكلمة غريبة، و انّما حطّه عند أهل الادب ما غلب عليه من حبّ الشراب و البطالة و إيثار السخف و الفكاهة، فلم يثقوا بنقله، و لا استكثروا منه.
و كان من متقدمي ندامى المنصور بن ابى عامر، و نال منه دنيا عريضة، إلّا أنّه كان متلافا لا يبقى على شىء[3] و قال ايضا صاحب «البغية» فى باب الالقاب و الكنى:
الرّبعى جماعة، اشهرهم ابو الحسن على بن عيسى[4] قلت: و على بن عيسى المذكور- هو ابن عيسى الفرج بن صالح الربعى، ابو الحسن الزهرى احد الأئمة النّحويين و حذاقهم الجيدى النّظر، الدقيقى الفهم و القياس، اخذ عن السّيرافى و رحل إلى شيراز