فلازم الفارسى عشر سنين حتّى قال له: ما بقى شىء تحتاج اليه، و لو سرت من المشرق إلى المغرب لم أجد اعرف منك بالنّحو، فرجع الى بغداد، فاقام بها إلى ان مات.
قال ياقوت: قال ابن الخشّاب: جاريت أبا منصور الجواليقىّ فى امر الرّبعى ففضّله، و قال: كان يحفظ الكثير من اشعار العرب ممالم يكن غيره يقوم به؛ إلّا انّ جنونه لم يكن يدعه يتمكّن منه احد فى الأخذ عنه.
و قال التّبريزىّ: قلت لابن برهان: كيف تركت الربعىّ و أخذت عن أصحابه مع ادراكك له؟ فقال لى: كان مجنونا، و إنّا كما ترى، فما كنّا نتفق.
و كان مبتلىّ بقتل الكلاب، سأل يوما أولاد الاكابر الذّين يحضرون مجلسه ان يمضوا معه إلى كلواذى، فظنوا أنّ له حاجة، فركبوا خيولا و خرجوا و خرج ماشيا و معه كساء و عصا إلى كلب هناك: فغدا نحوه؛ و الكلب يثب عليه تارة، و يهرب منه اخرى حتى أعياه و عاونوه حتى امسكوه؛ و عضّ الكلب بأسنانه عضّا شديدا و قال: هذا عضّنى منذ ايّام واردت ان اخالف قول الاوّل:
هذا، و كان محمد بن يحيى أبو الحسن الزعفرانىّ النّحوى البصرى أحد تلاميذ علىّ بن عيسى الرّبعى المشار إليه و كان الرّبعى يثنى عليه و يصفه- كما ذكره صاحب «البغية» قال: و لقى الفارسيّ فقرأ عليه الكتاب، فقال له: انت مستغن عنّى يا أبا الحسن فقال ان استغنيت عن الفهم لم استغن عن الفخر. و سئل عن مسئلة فى باب النّائب عن الفاعل فوضحّها؛ ثم قال: ما نفعنى شىء قطّ من النّحو سوى هذا الباب، فانّى كتبت فى رقعة إلى عامل البصرة ابى الحسن بن كامل أن يوقّع إلى من جملة المساحة بجريبين، فكتب: يترك له من عرض المرفوع فى ذكر المساحة و وقف وقفة؛ و لم يدر كيف الإعراب؟ هل: هو جريبان