و روى أيضا انّ زياد بن أبيه المنتسب إليه عبيد اللّه الملعون كتب الى معاوية يا أمير المؤمنين قد ضبطت لك العراق بشمالى، و فرغت يمينى لطاعتك، فولنى الحجاز فبلغ ذلك عبد اللّه بن عمر و كان مقيما بمكّة، فقال: اللّهم اشغل عنّا يمين زياد، فأصابه الطّاعون فى يمينه، فجمع الأطباء و استشارهم، فأشاروا عليه بقطعها، فاستفتى شريحا القاضى فيما أشار و إليه فقال له: لك رزق معلوم و اجل مقسوم، و أنا أكره إن كانت لك مدّة أن تعيش فى الدّنيا بلا يمين، و إن كان قد دنا أجلك أن تلقى ربّك مقطوع اليد، فاذا سألك لم قطعتها؟ قلت: بغضا من لقائك، و فرارا من قضائك. فمات زياد من يومه، فلام النّاس شريحا على منعه من القطع، لبغضهم له، فقال انّه استشارنى و المستشار مؤتمن و لو لا الامانة فى المشورة لوددت انّه قطع يده يوما و رجله يوما و سائر جسده يوما يوما[1].
و نقل أيضا أنّه كان خفيف الروح مزّاحا و قدم إليه رجلان فأقرّ أحدهما بما ادّعى به خصمه، و هو لا يعلم فقضى عليه فقال لشريح: من شهد عندك بهذا، قال: إبن أخت خالك و قيل: انّه جائته إمراة تبكى و تتظلّم على خصمها، فمارقّ لها حتّى قال له إنسان كان بحضرته: ألا تنظر أيّها القاضى إلى بكائها؟ فقال: انّ اخوة يوسف جاؤا أباهم عشاءا يبكون[2] قلت: و يشهد بصحّة هذه النّسبة إليه طول عمره إلى حيث عرفته، فانّ من أشدّ ما ينقص به العمر و ينغضّ به العيش، انّما هو زيادة الغيرة و الإغتمام و الشّفقة على أهل الكروب كما لا يخفى.
*** الفاضل الغطريف و المتفنن العريف الامير سيد شريف بن السيد محمد بن السيد على الحسينى الحنفىّ الجرجانى الاسترابادى صاحب المصنّفات الكثيرة و الحواشى و التعليقات المشهورة، ياتى ترجمة أحواله إنشاء اللّه تعالى على سبيل الإستيفاء فى باب ما أوّله العين المهملة من هذا البناء باعتبار اسمه الّذى هو علىّ، مع انّ قلبه القسّى، من