و منها: حضرته الّتى هى كعبة المحتاج لا كعبة الحجّاج، و مشعر الكرم لا مشعر الحرم، و منى الضيف لا منى الخيف، و قبلة الصّلات لا قبلة الصلاة.
و منها في تعزية: الموت خطب قد عظم حتّى هان، و مسّ قد خشن حتّى لان، و الدنيا قد تنكّرت حتّى صار الموت أهون خطوبها، و خبثت حتّى صار أصغر ذنوبها.
فلتنظر يمنة هل ترى إلّا محنة، و انظر يسرة هل ترى إلّا حسرة. إلى غير ذلك. فمن كان يريد استيفاء أمثالها لكلّ مقام فعليه بكتاب «بحر البلاغة» للثعالبى المعاصر لهذا الشيخ- رحمه اللّه-.
70 الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن حمدان الفقيه الحنفى
المعروف بالقدوري. انتهت إليه رياسة الحنفيّة بالعراق، و كان حسن العبارة في النظم، و سمع الحديث، و روى عنه أبو بكر الخطيب صاحب التاريخ، و صنّف في مذهبه «المختصر المشهور»، و غيره، و كان يناظر الشيخ أبا حامد الإسفرايني الفقيه الشافعى، و حكى الشيخ أبو اسحق في «الطبقات» عنه أنّه كان يعظّم أبا حامد المذكور، و يفضّله على كلّ أحد، و عن الوزير أبي القاسم علىّ بن الحسن عنه أيضا أنّه قال أبو- حامد عندى أفقه، و انظر من الشافعى. كذا في «الوفيات».
و في «الرياض» نقلا عن بعض التراجم أنّ القدورى تفقّه على أبى عبد اللّه محمّد بن يحيى الجرجانى، و تفقّه عليه أبو نصر محمّد بن محمّد، و شرح مختصره، و روى الحديث عن محمّد بن علىّ بن سويد المؤدّب، و عبد اللّه محمّد الحوشبى، و روى عنه قاضى القضاة أبو عبد اللّه الدامغاني، و الخطيب. قال: كتبت عنه و كان صدوقا، و لم يحدّث إلّا بشيء يسير، و كان ممّن أنجب في الفقه لذكائه. جرى اللسان. مديما لتلاوة القرآن.
و له من المصنّفات «شرح مختصر الكرخى» و «التجريد في سبعة أسفار» مشتمل على مسائل الخلاف بين أصحابه و بين الشافعى، و له «التقريب» في مجلّد و «مسائل الخلاف بين الحنفيّن» في مجلّد و «مختصر» جمعه لابنه، و غير ذلك كما عن السمعانى.
و توفّى يوم الأحد الخامس من شهر رجب سنة ثمان و عشرين و أربعمأة ببغداد