مصايب، و الغالب على أهلها اللهو و الطرب لأنّ طالعها الثور- و هو بيت الزهرة- و الغالب على أكثرهم البلاهة.
إلى أن قال: و من عجائبها أسد من حجر على باب المدينة عظيم جدّا، و هذا الطلسم من عمل بليناس صاحب الطلسمات حين طلبه قباد ليطلسم بلاده، و ذلك لأنّ البرد بها شديد و وقوع الثلج أشباه القلاع، و كان الفارس يغرق في الثلج بهمدان. فلمّا عمل هذا الأسد قلّ ثلجها. ينسب إليها أبو الفضل بديع الزمان صاحب المقامات، و سباق العنايات. توفّى سنة ثمان و تسعين و ثلثمأة. انتهى.
و نقل أنّه قتل بالسمّ، و قيل: إنّه صار مسكوتا فعجّل في دفنه، و لمّا أفاق سمعوا صراخا منه بالليل من تحت الرمس فنبشوا قبره فوجدوه قابضا على لحيته، و قد مات من هول القبر.
و في هذه السنة بعينها، أيضا توفّى أحمد بن لال و أبو نصر أحمد الكلابازى من الحفّاظ، و نزل ثلج عظيم ببغداد كما في تاريخ «أخبار البشر».
و عن الشيخ أبي منصور الثعالبى في كتاب «يتيمة الدهر» أنّ هذا الشيخ الاستاد قد كان من غاية مهارته في الكتابة و الإنشاء، و تسلّطه في البيان، و الاملاء. إنّه كان يأخذ من ذيول الأرقام كاتبا إلى أن يأتى على صدورها بعكس الجمهور، و ناهيك به فضلا و فطانة و كمالا.
و في البحار نقلا عن خطّ الشهيد الأوّل من فقهاء أصحابنا. ثمّ إنّ الحسين بن إبراهيم المكنّى بأبي عبد اللّه أحد البلغاء العلماء سلك طريقة البديع الهمدانى من كونه يبدء بآخر الكتاب و يختم بأوّله، و له مقامات حذافيها حذوه. فمن شعره فيها:
سعادة المرء لا مال و لا ولد
و لا مؤمّل إلّا الواحد الصمد
انتهى ما أوردناه استطرادا للمقام.
ثمّ إنّ من جملة مقالاته الرائقة و إنشاءاته الفائقة بنقل صاحب «الوفيات» قوله:
الماء إذا طال مكثه ظهر خبثه، و إذا سكن متنه تحرّك نتنه، و كذلك الضيف يسمج لقاؤه إذا طال ثواؤه، و يثقل ظلّه إذا انتهى محلّه. و السلام.