مكتف بتحصيل ما يسمّى «كتب الحديث» ممّا قد اشتمل على التحريف و التصحيف لعدم اعتبار النقل المقرّر، و الأخذ عن أهله المحرّر، و خيّل إليه حبّ الرياسة بذلك القدر السخيف معرفة مراد الإمام، كمتبوعه، و إن كان لا يعرف سوى سواد الكتاب من بياضه، و إذا سئل عن شيء فتح الكتاب و أجاب بكلّ ما يخطر بفكره السخيف لئلّا ينسب إلى عدم المعرفة، و موّه على العوامّ و ضعيفي العقول أنّي القي إليكم مراد الإمام، و المجتهدون يلقون إليكم ما هو من مخترعاتهم!. فصار الناس بمتابعته و متابعة أمثاله كإبل مائة لا تجد فيها راحلة، و عزّ التوفيق و الإخلاص لعدم أخذ العلم من وجوهه، و كثر السواد و قلّ البياض، و تقاعدت الهمم؛ ميلا إلى الراحة، و انقبض العلم.
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
أنيس و لم يسمر بمكّة سامر
و كأنّه برق تألّق بالحمى
ثمّ انثنى فكأنّه لم يلمع
و لقد تفحّصت عن حقيقة أحوال هذا الرجل ممّن رآه و ظهر لي ممّا لفّقه أنّه ليس بشيء يعبأبه، مع أنّي كنت لمّا سمعت بعض تمويهاته حصل لي أدنى ريب، فلمّا تفحّصت عن حاله و طالعت رسالته ظهر لي تدليسه و قصور يده و غواية مطلبه. و لتتمّة الكلام معه و الردّ عليه مقام آخر، و إن كانت الأنسب السكوت عنه- لكونه من قبيل ظهور رايحة الماء المتعفّن بتحريكه!- و لكن رأيت شياع ذلك عند العوامّ كشياع غيره ممّا يضاهيه، و هذا تنبيه للناقد البصير لئلّا يغترّبه. و قد جعل علماء الاماميّة- خصؤصا العرب منهم- ضالّين مضلّين مشركين استحبّوا العمى على الهدى و هم عارفون لأجل حبّ الرياسة، و جعل الشيخ المفيد- رحمه اللّه- أوّل مبتدع و مخرّب للدين. و ذكر في حواشيه على «اصول الكافي» أنّ المشرك بمعنى أن يقول: «إنّ اللّه له شريك» لم يوجد أصلا، و أنّ كلّما ورد من ذمّ المشركين فهو متوجّه الى المجتهدين! و لم يكن عنده من متاعهم و بضاعتهم ما يحصل به شهرة، فسلك هذا السبيل، و فتح باب الطعن و التشنيع و التكفير، فربح فيه من في قلوبهم مرض- زادهم اللّه مرضا!-. و لمّا كان «زمزم» في مكّة المشرّفة، و اشتهر مثل البايل في زمزم؛ أراد أن يفعل ما يضاهيه!