اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 96
شهداء إلا أنفسهم ) الآية .
وقال مالك والشافعي : يلاعن ، لان الشهود لا تأثير لهم في دفع الفراش .
الفصل الثاني : في صفات المتلاعنين
وأما صفة المتلاعنين ، فإن قوما قالوا : يجوز اللعان بين كل زوجين
حرين كانا أو عبدين ، أو أحدهما حر والآخر عبد محدودين كانا أو عدلين أو
أحدهما ، مسلمين كانا أو كان الزوج مسلما والزوجة كتابية ، ولا لعان بين
كافرين إلا أن يترافعا إلينا ، وممن قال بهذا القول مالك والشافعي ، وقال
أبو حنيفة وأصحابه : لا لعان إلا بين مسلمين حرين عدلين ، وبالجملة فاللعان
عندهم إنما يجوز لمن كان من أهل الشهادة .
وحجة أصحاب القول الاول عموم قوله تعالى :
﴿ والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ﴾
ولم يشترط فيذلك شرطا .
ومعتمد الحنفية أن اللعان شهادة ، فيشترط فيها ما يشترط في الشهادة ، إذ قد سماهم الله شهداء لقوله :
﴿ فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ﴾
ويقولون إنه لا يكون لعان إلا بين من يجب عليه الحد في القذف الواقع بينهما .
وقد اتفقوا على أن العبد لا يحد بقذفه ، وكذلك الكافر ، فشبهوا من
يجب عليه اللعان بمن يجب في قذفه الحد ، إذ كان اللعان إنما وضع لدرء الحد
مع نفي النسب .
وربما احتجوا بمروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله ( ص )
قال لا لعان بين أربعة : العبدين ، والكافرين والجمهور يرون أنه يمين وإن
كان يسمى شهادة ، فإن أحدا لا يشهد لنفسه ، وأما أن الشهادة قد يعبر عنها
باليمين فذلك بين في قوله تعالى :
﴿ إذا جاءك المنافقون قالوا ﴾
الآية ، ثم قال :
﴿ اتخذوا أيمانهم جنة ﴾
وأجمعوا على جواز لعان الاعمى ، واختلفوا في الاخرس ، فقال مالك
والشافعي يلاعن الاخرس إذا فهم عنه ، وقال أبو حنيفة : لا يلاعن لانه ليس
من أهل الشهادة .
وأجمعوا على أن من شرطه العقل والبلوغ .
الفصل الثالث : في صفة اللعان
فأما صفة اللعان فمتقاربة عند جمهور العلماء ، وليس بينهم في ذلك
كبير خلاف ، وذلك على ظاهر ما تقتضيه ألفاظ الآية ، فيحلف الزوج أربع
شهادات بالله لقد رأيتها تزني وأن ذلك الحمل ليس مني ، ويقول في الخامسة :
لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ثم تشهد هي أربع شهادات بنقيض ما شهد
هو به ثم تخمس بالغضب ، هذا كله متفق عليه .
واختلف الناس هل يجوز أن يبدل مكان اللعنة الغضب ، ومكان الغضب اللعنة ،
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 96