اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 97
أشهد أقسم ، ومكان قوله بالله غيره من أسمائه ؟ والجمهور على أنه
لا يجوز من ذلك إلا ما نص عليه من هذه الالفاظ أصله عدد الشهادات وأجمعوا
على أن شرط صحته أن يكون بحكم حاكم .
الفصل الرابع : في حكم نكول أحدهما أو رجوعه
فأما إذا نكل الزوج فقال الجمهور : إنه يحد ، وقال أبو حنيفة : إنه لا يحد ، ويحبس وحجة الجمهور عموم قوله تعالى :
﴿ والذين يرمون المحصنات ﴾
الآية ، وهذا عام في الاجنبي والزوج ، وقد جعل الالتعان للزوج مقام
الشهود ، فوجب إذا نكل أن يكون بمنزلة من قذف ولم يكن له شهود : أعني أنه
يحد ، وما جاء أيضا من حديث ابن عمر وغيره في قصة العجلاني من قوله عليه
الصلاة والسلام إن قتلت قتلت ، وإن نطقت جلدت ، وإن سكت سكت على غيظ .
واحتج الفريق الثاني بأن آية اللعان لم تتضمن إيجاب الحد عليه عند
النكول والتعريض لايجابه زيادة في النص ، والزيادة عندهم نسخ ، والنسخ لا
يجوز بالقياس ولا بأخبار الآحاد ، قالوا : وأيضا لو وجب الحد لم ينفعه
الالتعان ولا كان له تأثير في إسقاطه ، لان الالتعان يمين فلم يسقط به الحد
عن الاجنبي ، فكذلك الزوج .
والحق أن الالتعان يمين مخصوصة ، فوجب أن يكون لها حكم مخصوص ، وقد
نص على المرأة أن اليمين يدرأ عنها العذاب ، فالكلام فيما هو العذاب الذي
يندرئ عنها باليمين ، وللاشتراك الذي في اسم العذاب اختلفوا أيضا في الواجب
عليها إذا نكلت ، فقال الشافعي ومالك وأحمد والجمهور : إنها تحد ، وحدها
الرجم إن كان دخل بها ووجدت فيها شروط الاحصان ، وإن لم يكن دخل بها فالجلد
.
وقال أبو حنيفة : إذا نكلت وجب عليها الحبس حتى تلاعن ، وحجته قوله
عليه الصلاة والسلام لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : زنى بعد إحصان ،
أو كفبعد إيمان ، أو قتل نفس بغير نفس وأيضا فإن سفك الدم بالنكول حكم
ترده الاصول ، فإنه إذا كان كثير من الفقهاء لا يوجبون غرم المال بالنكول
فكان بالحري أن يجب بذلك سفك الدماء .
وبالجملة فقاعدة الدماء مبناها في الشرع على أنها لاتراق إلا بالبينة العادلة أو بالاعتراف .
ومن الواجب ألا تخصص هذه القاعدة بالاسم المشترك ، فأبو حنيفة في هذه المسألة أولى بالصواب إن شاء الله .
وقد اعترف أبو المعالي في كتابه البرهان بقوة أبي حنيفة في هذه المسألة وهو شافعي .
واتفقوا على أنه إذا أكذب نفسه حد وألحق به الولدإن كان نفى ولدا .
واختلفوا هل له أن يراجعها بعد اتفاق جمهورهم على أن الفرقة تجب
باللعان ، إما بنفسه وإما بحكم حاكم على ما نقوله بعد : فقال مالك والشافعي
والثوري وداود وأحمد وجمهور فقهاء الامصار : إنهما لا يجتمعان أبدا وإن
أكذب نفسه ، وقال أبو حنيفة وجماعة : إذا أكذب نفسه جلد الحد وكان خاطبا من
الخطاب ، وقد قا
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 97