اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 87
الامساك بزمان طويل على ما يراه الشافعي وحكي عن عثمان البتي أن
عليه الكفارة بعد الطلاق ، وأنها إذا ماتت قبل إرادة العودة لم يكن له سبيل
إلى ميراثها إلا بعد الكفارة .
وهذا شذوذ مخالف للنص .
والله أعلم .
الفصل الثالث : فيمن يصح فيه الظهار
واتفقوا على لزوم الظهار من الزوجة التي في العصمة ، واختلفوا في
الظهار من الامة ومن التي في غير العصمة ، وكذلك اختلفوا في ظهار المرأة من
الرجل .
فأما الظهار من الامة فقال مالك والثوري وجماعة : الظهار منها لازم
كالظهار من الزوجة الحرة ، وكذلك المدبرة وأم الولد ، وقال الشافعي وأبو
حنيفة وأحمد وأبو ثور : لا ظهار من أمة ، وقال الاوزاعي : إن كان يطأ أمته
فهو منها مظاهر ، وإن لم يطأها فهي يمين وفيها كفارة يمين ، وقال عطاء : هو
مظاهر لكن عليه نصف كفارة .
فدليل من أوقع ظهار الامة عموم قوله تعالى :
﴿ والذين يظاهرون من نسائهم ﴾
والاماء من النساء .
وحجة من لم يجعله ظهارا أنهم قد أجمعوا أن النساء في قوله تعالى :
﴿ للذين يولون من نسائهم تربص أربعة أشهر ﴾
هن ذوات الازواج ، فكذلك اسم النساء في آية الظهار .
فسبب الخلاف : معارضة قياس الشبه للعموم : أعني تشبيه الظهار
بالايلاء وعموم لفظ النساء ، أعني أن عموم اللفظ يقتضي دخول الاماء في
الظهار وتشبيهه بالايلاء يقتضي خروجهن من الظهار .
وأما هل من شرط الظهار كون المظاهر منها في العصمة أم لا ؟ فمذهب
مالك أن ذلك ليس من شرطه ، وأن من عين امرأة ما بعينها وظاهر منها بشرط
التزويج كان مظاهرا منها ، وكذلك إن لم يعين وقال : كل امرأة أتزوجها فهي
مني كظهرأمي ، وذلك بخلاف الطلاق وبقول مالك في الظهار قال أبو حنيفة
والثوري والاوزاعي ، وقال قائلون : لا يلزم الظهار إلا فيما يملك الرجل ،
وممن قال بهذا القول الشافعي وأبو ثور وداود ، وفرق قوم فقالوا : إن أطلق
لم يلزمه ظهار وهو أن يقول : كل امرأة أتزوجها فهي مني كظهر أمي ، فإن قيد
لزمه وهو أن يقول : إن تزوجت فلانة أو سمى قرية أو قبيلة ، وقائل هذا القول
هو ابن أبي ليلى والحسن بن حي .
ودليل الفريق الاول قوله تعالى :
﴿ أوفوا بالعقود ﴾
ولانه عقد على شرط الملك فأشبه إذا ملك ، والمؤمنون عند شروطهم ، وهو قول عمر .
وأما حجة الشافعي فحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ( ص )
قال لا طلاق إلا فيما يملك ولا عتق إلا فيما يملك ، ولا بيع إلا فيما يملك
، ولا وفاء بنذر إلا فيما يملك خرجه أبو داود والترمذي .
والظهار شبيه بالطلاق ، وهو قول ابن عباس .
وأما الذين فرقوابين التعميم والتعيين ، فإنهم رأوا أن التعميم في الظهار من باب الحرج ، وققال الله تعالى :
( وما جعل عليكم في الدين
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 87