اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 86
من قبل أن يتماسا )
ولذلك كان الوطئ محرما حتى يكفر .
قالوا : ولو كان العود نفسه هو الامساك لكان الظهار نفسه يحرم الامساك فكان الظهار يكون طلاقا .
وبالجملة فالمعول عليه عندهم في هذه المسألة هو الطريق الذي يعرفه
الفقهاء بطريق السبر والتقسيم ، وذلك أن معنى العود لا يخلو أن يكون تكرار
اللفظ على ما يراه داود ، أو الوطئ نفسه ، أو الامساك نفسه ، أإرادة الوطئ .
ولا يكون تكرار اللفظ ، لان ذلك تأكيد والتأكيد لا يوجب الكفارة ،
ولا يكون إرادة الامساك للوطئ ، فإن الامساك موجود بعد ، فقد بقي أن يكون
إرادة الوطئ ، وإن كان إرادة الامساك للوطئ فقد أراد الوطئ ، فثبت أن العود
هو الوطئ .
ومعتمد الشافعية في إجرائهم أرادة الامساك ، أو الامساك للوطئ مجرى
إرادة الوطئ أن الامساك يلزم عنه الوطئ فجعلوا لازم الشئ مشبها بالشئ ،
وجعلوا حكمهما واحدا ، وهو قريب من الرواية الثانية ، وربما استدلت
الشافعية على أن إرادة الامساك هو السبب في وجوب الكفارة أن الكفارة ترتفع
بارتفاع الامساك ، وذلك إذا طلق إثر الظهار ، ولهذا احتاط مالك في الرواية
الثانية ، فجعل العود هو إرادة الامرين جميعا : أعني الوطئ والامساك ، وأما
أن يكون العود الوطئ فضعيف ومخالف للنص ، والمعتمد فيها تشبيه الظهار
باليمين : أي كما أن كفارة اليمين إنما تجب بالحنث كذلك الامر ههنا ، وهو
قياس شبه عارضه النص .
وأما داود فإنه تعلق بظاهر اللفظ في قوله تعالى :
﴿ ثم يعودون لما قالوا ﴾
وذلك يقتضي الرجوع إلى القول نفسه ، وعند أبي حنيفة أنه العود في الاسلام إلى ما تقدم من ظهارهم في الجاهلية .
وعند مالك والشافعي أن المعنى في الآية : ثم يعودون فيما قالوا .
وسبب الخلاف : بالجملة إنما هو مخالفة الظاهر للمفهوم ، فمن اعتمد
المفهوم جعل العودة إرادة الوطئ أو الامساك ، وتأول معنى اللام في قوله
تعالى :
﴿ ثم يعودون لما قالوا ﴾
بمعنى الفاء ، وأما من اعتمد الظاهر فإنه جعل العودة تكرير اللفظ ،
وأن العودة الثانية إنما هي ثانية للاولى التي كانت منهم في الجاهلية .
ومن تأول أحد هذين ، فالاشبه له أن يعتقد أن بنفس الظهار تجب
الكفارة كما اعتقد ذلك مجاهد ، إلا أن يقدر في الآية محذوفا وهو إرادة
الامساك ، فهنا إذن ثلاثة مذاهب : إما أن تكون العودة هي تكرار اللفظ ،
وإما أن تكون إرادة الامساك ، وإما أن تكون العودة التي هي في الاسلام ،
وهذان ينقسمان قسمين : أعني الاول والثالث :أحدهما : أن يقدر في الآية
محذوفا ، وهو إرادة الامساك فيشترط هذه الارادة في وجوب الكفارة ، وإما ألا
يقدر فيها محذوفا فتجب الكفارة بنفس الظهار .
واختلفوا من هذا الباب في فروع وهو : هل إذا طلق قبل إرادة الامساك
أو ماتت عنه زوجته هل تكون عليه كفارة أم لا ؟ فجمهور العلماء على أن لا
كفارة عليه إلا أن يطلق بعد إرادة العودة أو بع
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 86