اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 79
العموم ، والجمهور على أن المختلعة لا متعة لها لكونها معطية من
يدها كالحال في التي طلقت قبل الدخول وبعفرض الصداق ، وأهل الظاهر يقولون :
هو شرع فتأخذ وتعطي .
وأما مالك فإنه حمل الامر بالمتعة على الندب لقوله تعالى في آخر الآية
﴿ حقا على المحسنين ﴾
أعلى المتفضلين المتجملين ، وما كان من باب الاجمال والاحسان فليس بواجب .
واختلفوا في المطلقة المعتدة هل عليها إحداد ؟ فقال مالك : ليس عليها إحداد .
باب : في بعث الحكمين
اتفق العلماء على جواز بعث الحكمين إذا وقع التشاجر بين الزوجين وجهلت أحوالهما في التشاجر : أعني المحق من المبطل لقوله تعالى :
﴿ وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ﴾
الآية ، وأجمعوا على أن الحكمين لا يكونان إلا من أهل الزوجين :
أحدهما : من قبل الزوج ، والآخر من قبل المرأة ، إلا أن لا يوجد في أهلهما
من يصلح لذلك فيرسل من غيرهما ، وأجمعوا على أن الحكمين إذا اختلفا لم ينفذ
قولهما ، وأجمعوا على أن قولهما في الجمع بينهما نافذ بغير توكيل من
الزوجين .
واختلفوا في تفريق الحكمين بينهما إذا اتفقا على ذلك هل يحتاج إلى
إذن من الزوج أو لا يحتاج إلى ذلك ؟ فقال مالك وأصحابه : يجوز قولهما في
الفرقة والاجتماع بغير توكيل الزوجين ولا إذن منهما في ذلك .
وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما : ليس لهما أن يفرقا ، إلا أن
يجعل الزوج إليهما التفريق وحجة مالك ما رواه من ذلك عن علي بن أبي طالب
أنه قال في الحكمين : إليهما التفرقة بين الزوجين ، والجمع .
وحجة الشافعي وأبي حنيفة أنالاصل أن الطلاق ليس بيد أحد سوى الزوج أو من يوكله الزوج .
واختلف أصحاب مالك في الحكمين يطلقان ثلاثا ، فقال أبو القاسم :
تكون واحدة ، وقال أشهب والمغيرة تكون ثلاثا إن طلقاها ثلاثا ، والاصل أن
الطلاق بيد الرجل إلا أن يقوم دليل على غير ذلك وقد احتج الشافعي وأبو
حنيفة بما روي في حديث علي هذا أنه قال للحكمين : هل تدريان ما عليكما ؟ إن
رأيتما أن تجمعا جمعتما ، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما ، فقالت المرأة :
رضيت بكتاب الله وبما فيه لي وعلي ، فقال الرجل : أما الفرق فلا ، فقال علي
: لا ، والله لا تنقلب حتى تقر بمثل ما أقرت به المرأة ، قال : فاعتبر في
ذلك إذنه .
ومالك يشبه الحكمين بالسلطان ، والسلطان يطلق بالضرر عند مالك إذا تبين
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 79