اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 78
اعتدت ثلاثة أشهر ، ولها السكنى ، وقال أبو حنيفة وأصحابه
والثوري : عدتها ثلاث حيض ، وهو قول علي وابن مسعود ، وقال قوم : عدتها نصف
عدة الحرة المتوفى عنها زوجها ، وقال قوم : عدتها عدة الحرة أربعة أشهر
وعشرا ، وحجة مالك أنها ليست زوجة فتعتد عدة الوفاة ولا مطلقة فتعتد ثلاث
حيض ، فلم يبق إلا استبراء رحمها ، وذلك يكون بحيضة تشبيها بالامة يموت
عنها سيدها ، وذلك ما لا خلاف فيه ، وحجة أبي حنيفة أن العدة إنما وجبت
عليها وهي حرة ، وليست بزوجة فتعتد عدة الوفاة ، ولا بأمة فتعتد عدة أمة ،
فوجب أن تستبرئ رحمها بعدة الاحرار .
أما الذين أوجبوا لها عدة الوفاة فاحتجوا بحديث روي عن عمرو بن
العاص قال : لا تلبسوا علينا سنة نبينا ، عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها
أربعة أشهر وعشرا ، وضعف أحمد هذا الحديث ولم يأخذ به .
وأما من أوجب عليها نصف عدة الحرة تشبيها بالزوجة الامة .
فسبب الخلاف : أنها مسكوت عنها ، وهي مترددة الشبه بين الامة والحرة
، وأما من شبهها بالزوجة الامة فضعيف ، وأضعف منه من شبهها بعدة الحرة
المطلقة ، وهو مذهب أبي حنيفة .
الباب الثاني : في المتعة
والجمهور على أن المتعة ليست واجبة في كل مطلقة ، وقال قوم من أهل
الظاهر : هي واجبة في كل مطلقة ، وقال قوم : هي مندوب إليها وليست واجبة ،
وبه قال مالك والذين قالوا بوجوبها في بعض المطلقات اختلفوا في ذلك ، فقال
أبو حنيفة : هي واجبة على كل من طلق قبل الدخول ، ولم يفرض لها صداقا مسمى ،
وقال الشافعي : هي واجبة لكل مطلقة إذا كان الفراق من قبله إلا التي سمى
لها وطلقت قبل الدخول ، وعلى هذا جمهور العلماء .
واحتج أبو حنيفة بقوله تعالى :
﴿ يا أيها
الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم
عليهن من عدة تعتدونها ، فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا ﴾
فاشترط المتعة مع عدم المسيس ، وقال تعالى :
﴿ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ﴾
فعلم أنه لا متعة لها مع التسمية والطلاق قبل المسيس ، لانه إذا لم
يجب لها الصداق فأحرى أن لا تجب لهاالمتعة ، وهذا لعمري مخيل ، لانه حيث لم
يجب لها صداق أقيمت المتعة مقامه ، وحيث ردت من يدها نصف الصداق لم يجب
لها شئ .
وأما الشافعي فيحمل الاوامر الواردة بالمتعة في قوله تعالى :
﴿ ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ﴾
على العموم في كل مطلقة إلا التي سمي لها وطلقت قبل الدخول ، وأما أهل الظاهر فحملوا الامر
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 78