اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 77
الاولى في هذه المسألة إما أن يقال إن لها الامرين جميعا مصيرا
إلى ظاهر الكتاب والمعروف من السنة ، وإما أن يخصص هذا العموم بحديث فاطمة
المذكور .
وأما التفريق بين إيجاب النفقة والسكنى فعسير ووجه عسره ضعف دليله .
وينبغي أن تعلم أن المسلمين اتفقوا على أن العدة تكون في ثلاثة أشياء : في طلاق ، أو موت ، أو اختيار الامة نفسها إذا أعتقت .
واختلفوا فيها في الفسوخ ، والجمهور على وجوبها .
ولما كان الكلام في العدة يتعلق فيه أحكام عدة الموت رأينا أن
نذكرها ههنا فنقول : إن المسلمين اتفقوا على أن عدة الحرة من زوجها الحر
أربعة أشهر وعشرا لقوله تعالى :
﴿ يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ﴾
واختلفوا في عدة الحامل وفي عدة الامة إذالم تأتها حيضتها في
الاربعة الاشهر وعشرا ماذا حكمها ؟ فذهب مالك إلى أن من شرط تمام هذه العدة
أن تحيض حيضة واحدة في هذه المدة ، فإن لم تحض فهي عنده مسترابة فتمكث مدة
الحمل ، وقيل عنه إنها قد لا تحيض وقد لا تكون مسترابة ، وذلك إذا كانت
عادتها في الحيض أكثر من مدة العدة ، وهذا إما غير موجود ، أعني من تكون
عادتها أن تحيض أكثر من أربعة أشهر إلى أكثر من أربعة أشهر ، وإما نادر .
واختلف عنه فيمن هذه حالها من النساء إذا وجدت ، فقيل تنتظر حتى
تحيض ، وروى عنه ابن القاسم : تتزوج إذا انقضت عدة الوفاة ولم يظهر بها حمل
.
وعلى هذا جمهور فقهاء الامصار : أبي حنيفة والشافعي والثوري .
وأما المسألة الثانية : وهي الحامل التي يتوفى عنها زوجها ، فقال
الجمهور وجميع فقهاء الامصار : عدتها أن تضع حملها مصيرا إلى عموم قوله
تعالى :
﴿ وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن ﴾
وإن كانت الآية في الطلاق وأخذا أيضا بحديث أم سلمة أن سبيعة
الاسلمية ولدت بعد وفاة زوجها بنصف شهر وفيه فجاءت رسول الله ( ص ) فقال
لها : قد حللت فانكحي من شئت وروى مالك عن ابن عباس أن عدتها آخر الاجلين ،
يريد أنها تعتد بأبعد الاجلين ، إما الحمل ، وإما انقضاء العدة عدة الموت ،
وروي مثل ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والحجة لهم أن ذلك هو
الذي يقتضيه الجمع بين عموم آية الحوامل وآية الوفاة .
وأما الامة المتوفى عنها من تحل له ، فإنها لا تخلو أن تكون زوجة أو
ملك يمين أو أم ولد أو غير أم ولد ، فأما الزوجة فقال الجمهور : إن عدتها
نصف عدة الحرة قاسوا ذلك على الدية .
وقال أهل الظاهر : بل عدتها عدة الحرة ، وكذلك عندهم عدة الطلاق مصيرا إلى التعميم .
وأما أم الولد فقال مالك والشافعي وأحمد والليث وأبو ثور وجماعة : عدتها حيضة ، وبه قال ابن عمر .
وقال مالك : وإن كانت ممن لا تحي
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 77