اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 76
وقال الشافعي تنتقل في الوجهين معا .
وسبب الخلاف : هل العدة من أحكام الزوجية أم من أحكام انفصالها ؟
فمن قال من أحكام الزوجية قال : لا تنتقل عدتها ، ومن قال من أحكام انفصال
الزوجية قال : تنتقل كما لو أعتقت وهي زوجة ثم طلقت ، وأما من فرق بين
البائن والرجعي فبين ، وذلك أن الرجعي فيه شبه من أحكام العصمة ، ولذلك وقع
فيه الميراث باتفاق إذا مات وهي في عدة من طلاق رجعي ، وأنها تنتقل إلى
عدة الموت ، فهذا هو القسم الاول من قسمي النظر في العدة .
القسم الثاني : وأما النظر في أحكام العدد ، فإنهم اتفقوا على أن
للمعتدة الرجعية النفقة والسكنى ، وكذلك الحامل لقوله تعالى في الرجعيات :
﴿ أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ﴾
الآية ولقوله تعالى :
﴿ وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ﴾
واختلفوا في سكنى المبتوتة ونفقتها إذا لم تكن حاملا على ثلاثة أقوال : أحدها : أن لها السكنى والنفقة ، وهو قول الكوفيين .
والقول الثاني : أنه لا سكنى لها ولا نفقة ، وهو قول أحمد وداود وأبي ثور وإسحاق وجماعة .
الثالث : أن لها السكنى ولانفقة لها ، وهو قول مالك والشافعي وجماعة .
وسبب اختلافهم : اختلاف الرواية في حديث فاطمة بنت قيس ومعارضة ظاهر
الكتاب له ، فاستدل من لم يوجب لها نفقة ولا سكنى بما روي في حديث فاطمة
بنت قيس أنها قالت طلقني زوجي ثلاثا على عهرسول الله ( ص ) ، فأتيتالنبي ( ص
) فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة خرجه مسلم ، وفي بعض الروايات أن رسول الله (
ص ) قال : إنما السكنى والنفقة لمن لزوجها عليها الرجعة وهذا قول مروي عن
علي وابن عباس وجابر بن عبد الله .
وأما الذين أوجبوا لها السكنى دون النفقة فإنهم احتجوا بما رواه
مالك في موطئه من حديث فاطمة المذكورة ، وفيه : فقال رسول الله ( ص ) ليس
لك عليه نفقة وأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ، ولم يذكر فيها إسقاط
السكنى ، فبقي على عمومه في قوله تعالى :
﴿ أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ﴾
وعللوا أمره عليه الصلاة والسلام بأن تعتد في بيت ابن أم مكتوم بأنه كان في لسانها بذاء .
وأما الذين أوجبوا لها السكنى والنفقة فصاروا إلى وجوب السكنى لها بعموم قوله تعالى :
﴿ أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ﴾
وصاروا إلى وجوب النفقة لها لكون النفقة تابعة لوجوب الاسكان في الرجعية وفي الحامل وفي نفس الزوجية .
وبالجملة فحيثما وجبت السكنى في الشرع وجبت النفقة ، وروي عن عمر
أنه قال في حديث فاطمة هذا : لا ندع كتاب نبينا وسنته لقول امرأة ، يريد
قوله تعالى :
﴿ أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ﴾
الآية .
ولان المعروف من سنته عليه الصلاة والسلام أنه أوجب النفقة حيث تجب السكنى ، ف
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 76