اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 48
الصحة .
وأما الزيادا ت التي تعرض من هذا المعنى فإنها لا تفسد النكاح
باتفاق ، وإنما اختلف العلماء فلزوم الشروط التي بهذه الصفة أو لا لزومها ،
مثل أن يشترط عليه أن لا يتزوج عليها أو لا يتسرى أو لا ينقلها من بلدها ،
فقال مالك : إن اشترط ذلك لم تلزمه إلا أن يكون في ذلك يمين بعتق أو طلاق ،
فإن ذلك يلزمه إلا أن يطلق أو يعتق من أقسم عليه ، فلا يلزم الشرط الاول
أيضا ، وكذلك قال الشافعي وأبو حنيفة .
وقال الاوزاعي وابن شبرمة : لها شرطها وعليه الوفاء ، وقال ابن شهاب
: كان من أدركت من العلماء يقضون بها ، وقول الجماعة مروي عن علي ، وقول
الاوزاعي مروي عن عمر .
وسبب اختلافهم : معارضة العموم للخصوص .
فأما العموم فحديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي ( ص ) خطب الناس
فقال في خطبته كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط وأما
الخصوص فحديث عقبة بن عامر عن النبي ( ص ) أنه قال أحق الشروط أن يوفى به
ما استحللتم به الفروج والحديثان صحيحان خرجهما البخاري ومسلم ، إلا أن
المشهور عند الاصوليين القضاء بالخصوص على العموم وهو لزوم الشروط وهو ظاهر
ما وقع في العتبية وإن كان المشهور خلاف ذلك .
وأما الشروط المقيدة بوضع من الصداق فإنه قد اختلف فيها المذهب
اختلافا كثيرا : أعني في لزومها أو عدم لزومها ، وليس كتابنا هذا موضوعا
على الفروع .
وأما حكم الانكحة الفاسدة إذا وقعت فمنها ما اتفقوا على فسخه قبل الدخول وبعده .
وهو ما كان منها فاسدا بإسقاط شرط متفق على وجوب صحة النكاح بوجوده ،
مثل أن ينكح محرمة العين ، ومنها ما اختلفوا فيه بحسب اختلافهم في ضعف علة
الفساد وقوتها ولماذا يرجع من الاخلال بشروط الصحة ومالك في هذا الجنس -
وذلك في الاكثر - يفسخه قبل الدخول ويثبته بعده والاصل فيه عنده أن لا فسخ ،
ولكنه يحتاط بمنزلة ما يرى فيكثير من البيع الفاسد أنه يفوت بحوالة
الاسواق وغير ذلك ، ويشبه أن تكون هذه عنده هي الانكحة المكروهة ، وإلا فلا
وجه للفرق بين الدخول وعدم الدخول ، والاضطراب في المذهب في هذا الباب
كثير ، وكأن هذا راجع عنده إلى قوة دليل الفسخ وضعفه : فمتى كان الدليل
عنده قويا فسخ قبله وبعده ، ومتى كان ضعيفا فسخ قبل ولم يفسخ بعد ، وسواء
كان الدليل القوي متفقا عليه أو مختلفا فيه .
ومن قبل هذا أيضا اختلف المذهب في وقوع الميراث في الانكحة الفاسدة
إذا وقع الموت قبل الفسخ وكذلك وقوع الطلاق فيه ، فمرة اعتبر فيه الاختلاف
والاتفاق ، ومرة اعتبر فيه الفسخ بعد الدخول أو عدمه ، وقد نرى أن نقطع
ههنا القول في هذا الكتاب ، فإن ما ذكرنا منه كفاية بحسب غرضنا المقصود .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 48