اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 383
الوارد في الحلف على منبر النبي ( ص ) يفهم منه وجوب الحلف على
المنبر أم لا ؟ فمن قال : إنه يفهم منه ذلك قال : لانه لو لم يفهم منه ذلك
لم يكن للتغليظ في ذلك معنى ، ومن قال للتغليظ معنى غير الحكم بوجوب اليمين
على المنبر قال : لا يجب الحلف على المنبر ، والحديث الوارد في التغليظ هو
حديث جابر بن عبد الله الانصاري أن رسول الله ( ص ) قال : من حلف على
منبري آثما تبوأ مقعده من النار واحتج هؤلاء بالعمل فقالوا : هو عمل
الخلفاء .
قال الشافعي : لم يزل عليه العمل بالمدينة وبمكة .
قالوا : ولو كان التغليظ لا يفهم منه إيجاب اليمين في الموضع المغلظ لم يكن له فائدة إلا تجنب اليمين في ذلك الموضع .
قالوا : وكما أن التغليظ الوارد في اليمين مجردا مثل قوله عليه
الصلاة والسلام : من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب
له النار يفهم منه وجوب القضاء باليمين ، وكذلك التغليظ الوارد في المكان .
وقال الفريقالاخر : لا يفهم من التغليب باليمن وجوب الحكم باليمن ،
وإذ لم يفهم من تغليظ اليمين وجوب الحكم باليمين لم يفهم من تغليظ اليمين
بالمكان وجوب اليمين بالمكان وليس فيه إجماع من الصحابة ، والاختلاف فيه
مفهوم من قضية زيد بن ثابت .
وتغلظ بالمكان عند مالك في القسامة واللعان ، وكذلك بالزمان لانه
قال في اللعان أن يكون بعد صلاة العصر على ما جاء في التغليظ فيمن حلف بعد
العصر .
وأما القضاء باليمين مع الشاهد فإنهم اختلفوا فيه .
فقال مالك والشافعي وأحمد وداود وأبو ثور والفقهاء السبعة المدنيون وجماعة : يقضي اليمين مع الشاهد في الاموال .
وقال أبو حنيفة والثوري والاوزاعي وجمهور أهل العراق : لا يقضي باليمن مع الشاهد في شئ ، وبه قال الليث من أصحاب مالك .
وسبب الخلاف في هذا الباب : تعارض السماع .
أما القائلون به فإنهم تعلقوا في ذلك آثار كثيرة ، منها حديث ابن
عباس ، وحديث أبي هريرة ، وحديث زيد بن ثابت ، وحديث جابر ، إلا أن الذي
خرج مسلم منها حديث ابن عباس ، ولفظه أن رسول الله ( ص ) قضى باليمين مع
الشاهد أخرجه مسلم ولم يخرجه البخاري .
وأما مالك فإنما اعتمد مرسله في ذلك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن
رسول الله ( ص ) قضى باليمين مع الشاهد لان العمل عنده بالمراسيل واجب .
وأما السماع المخالف لها فقوله تعالى :
﴿ فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ﴾
قالوا : وهذا يقتضي الحصر فالزيادة عليه نسخ ، ولا ينسخ القرآن
بالسنة الغير متواترة ، وعند المخالف أنه ليس بنسخ بل زيادة لا تغير حكم
المزيد .
وأما السنة فما خرجه البخاري ومسلم عن الاشعث بن قيس قال : كان بيني
وبين رجل خصومة في شئ ، فاختصمنا إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، فقال :
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 383