اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 384
شاهداك أو يمينه فقلت : إذن يحلف ولا يبالي .
فقال النبي ( ص ) من حلف على يمييقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها
فاجر لقي الله وهو عليه غضبان قالوا : فهذا منه عليه الصلاة والسلام حصر
للحكم ونقض لحجة كل واحد من الخصمين ، ولا يجوز عليه ( ص ) ألا يستوفي
أقسام الحجة للمدعي .
والذين قالوا باليمين مع الشاهد هم على أصلهم في أن اليمين هي حجة أقوى المتداعيين شبهة .
وقد قويت هنا حجة المدعي بالشاهد كما قويت في القسامة .
وهؤلاء اختلفوا في القضاء مع المرأتين .
فقال مالك : يجوز لان المرأتين قد أقيمتا مقام الواحد ، وقال
الشافعي : لا يجوز له ، لانه إنما أقيمت مقام الواحد مع الشاهد الواحد لا
مفردة ولا مع غيره .
وهل يقضي باليمين في الحدود التي هي حق للناس مثل القذف والجراح ؟ فيه قولان في المذهب .
الفصل الثالث : النكول
وأما ثبوت الحق على المدعى عليه بنكوله ، فإن الفقهاء أيضا اختلفوا
في ذلك ، فقال مالك والشافعي وفقهاء أهل الحجاز وطائفة من العراقيين : إذا
نكل المدعى عليه لم يجب للمدعي شئ بنفس النكول ، إلا أن يحلف المدعي أو
يكون له شاهد واحد ، وقال أبو حنيفة وأصحابه وجمهور الكوفيين : يقضي للمدعي
على المدعى عليه بنفس النكول ، وذلك في المال بعد أن يكرر عليه اليمين
ثلاثا .
وقلب اليمين عند مالك يكون في الموضع الذي يقبل فيه شاهد وامرأتان ،
وشاهد ويمين ، وقلب اليمين عند الشافعي يكون في كل موضع يجب فيه اليمين ،
وقال ابن أبي ليلى : أردها في غير التهمة .
ولا أردها في التهمة .
وعند مالك في يمين التهمة هل تنقلب أم لا ؟ قولان .
فعمدة من رأى أن تنقلب ما رواه مالك من أن رسول الله ( ص ) رد في القسامة على اليهود بعد أن بدأ بالانصار .
ومن حجة مالك أن الحقوق عنده إنما تثبت بشيئين : إما بيمين وشاهد ،
وإما بنكول وشاهد ، وإما بنكول ويمين ، أصل ذلك عند اشتراط الاثنينية في
الشهادة ، وليس يقضي عند الشافعي بشاهد ونكول .
وعمدة من قضى بالنكول أن الشهادة لما كانت لاثبات الدعوى ، واليمين
لابطالها وجب إن نكل عن اليمين أن تحقق عليه الدعوى ، قالوا : وأما نقلها
من المدعى عليه إلى المدعي فهو خلاف للنص ، لان اليمين قد نص على أنها
دلالة المدعى عليه .
فهذه أصول الحجج التي يقضي بها القاضي .
ومما اتفقوا عليه في هذاالباب أنه يقضي القاضي بوصول كتاب قاض آخر إليه .
لكن هذا عند الجمهور ما اقتران الشهادة به ، أعني إذا أشهد القاضي
الذي يثبت عنده الحكم شاهدين عدلين أن الحكم ثابت عنده - أعني المكتوب في
الكتاب الذي أرسله إلى القاضي الثاني ، فشهدا عند القاضي الثاني أنه كتابه .
وأنه أشهدهم بثبوته ، وقد قيل : إنه يكتفي فيه بخط القاضي ، وأنه كان به العمل الاول .
واختلف مالك والشافعي وأبو حنيفة إن أشهدهم على الكتابة ولم يقرأه
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 384