اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 36
الفصل الثامن : في مانع الكفر
اتفقوا على أنه لا يجوز للمسلم أن ينكح الوثنية لقوله تعالى :
﴿ ولا تمسكوا بعصم الكوافر ﴾
واختلفوا في نكاحها بالملك .
واتفقوا على أنه يجوز أن ينكح الكتابية الحرة ، إلا ما روي في ذلك عن ابن عمر .
واختلفوا في إحلال الكتابية الامة بالنكاح ، واتفقوا على إحلالها بملك اليمين .
والسبب في اختلافهم : في نكاح الوثنيات بملك اليمين معارضة عموم قوله تعالى :
﴿ ولا تمسكوا بعصم الكوافر ﴾
وعموم قوله تعالى :
﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يومن ﴾
لعموم قوله :
﴿ والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ﴾
وهن المسبيات ، وظاهر هذا يقتضي العموم ، سواء كانت مشركة أو كتابية ، والجمهور على منعها .
وبالجواز قال طاوس ومجاهد ، ومن الحجة لهم ما روي من نكاح المسبيات في غزوة أوطاس إذ استأذنوه في العزل فأذن لهم .
وإنما صار الجمهور لجواز نكاح الكتابيات الاحرار بالعقد ، لان الاصل بناء الخصوص على العموم ، أعني أن قوله تعالى :
﴿ والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ﴾
هو خصوص ، وقوله :
( ولا تنكحواالمشركات حتى يومن )
هو عموم ، فاستثنى الجمهور الخصوص من العموم ، ومن ذهب إلى تحريم ذلك جعل العام ناسخا للخاص ، وهو مذهب بعض الفقهاء .
وإنما اختلفوا في إحلال الامة الكتابية بالنكاح لمعارضة العموم في
ذلك القياس ، وذلك أن قياسها على الحرة يقتضي إباحة تزويجها ، وباقي العموم
إذا استثني منه الحرة يعارض ذلك ، لانه يوجب تحريمها على قول من يرى أن
العموم إذا خصص بقي الباقي على العموم ، فمن خصص العموم الباقي بالقياس ،
أو لم ير الباقي من العموم المخصوص عموما قال : يجوز نكاح الامة الكتابية .
ومن رجح باقي العموم بعدم التخصيص على القياس قال : لا يجوز نكاح
الامة الكتابية ، وهنا أيضا سبب آخر لاختلافهم ، وهو معارضة دليل الخطاب
للقياس .
وذلك أن قوله تعالى :
﴿ من فتياتكم المؤمنات ﴾
يوجب أن لا يجوز نكاح الامة الغير مؤمنة بدليل الخطاب ، وقياسها على
الحرة يوجب ذلك ، ( والقياس من كل جنس يجوز فيه النكاح بالتزويج ، ويجوز
فيه النكاح بملك اليمي
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 36