اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 35
المشهور من مذهب ابن القاسم ، وقال قوم : لا يجوز إلا بشرطين :
عدم الطول ، وخوف العنت ، وهو المشهور من مذهب مالك ، وهو مذهب أبي حنيفة
والشافعي .
والسبب في اختلافهم : معارضة دليل الخطاب في قوله تعالى
﴿ ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح ﴾
الآية ، لعموم قوله :
﴿ وأنكحوا الايامى منكم والصالحين ﴾
الآية ، وذلك أن مفهوم دليل الخطاب في قوله تعالى :
﴿ ومن لم يستطع منكم طولا ﴾
الآية ، يقتضي أنه لا يحل نكاح الامة إلا بشرطين : أحدهما : عدم الطول إلى الحرة ، والثاني : خوف العنت .
وقوله تعالى :
﴿ وأنكحوا الايامى منكم ﴾
يقتضي بعمومه إنكاحهن من حر أو عبد ، واجدا كان الحر أوغير واجد ،
خائفا للعنت أو غير خائف ، لكن دليل الخطاب أقوى ههنا - والله أعلم - من
العموم ، لان هذا العموم لم يتعرض فيه إلى صفات الزوج المشترطة في نكاح
الاماء ، وإنما المقصود به الامر بإنكاحهن وألا يجبرن على النكاح ، وهو
أيضا محمول على الندب عند الجمهور مع ما في ذلك من إرهاق الرجل ولده .
واختلفوا من هذا الباب في فرعين مشهورين ، أعني الذين لم يجيزوا
النكاح إلا بالشرطين المنصوص عليهما : أحدهما : إذا كانت تحته حرة هل هي
طول أو ليست بطول ؟ فقال أبو حنيفة : هي طول ، وقال غيره : ليست بطول ، وعن
مالك في ذلك القولان .
والمسألة الثانية : هل يجوز لمن وجد فيه هذان الشرطان نكاح أكثر من
أمة واحدة ثلاث أو أربع أو ثنتان ؟ فمن قال إذا كانت تحته حرة فليس يخاف
العنت لانه غير عزب قال : إذا كانت تحته حرة لم يجز له نكاح الامة ، ومن
قال خوف العنت ، إنما يعتبر بإطلاق سواء كان عزبا أو متأهلا لانه قد لا
تكون الزوجة الاولى مانعة من العنت ، وهو لا يقدر على حرةتمنعه من العنت ،
فله أن ينكح أمة ، لان حاله مع هذه الحرة في خوف العنت كحالة قبلها ،
وبخاصة إذا خشي العنت من الامة التي يريد نكاحها .
وهذا بعينه السبب في اختلافهم : هل ينكح أمة ثانية على الامة الاولى
أو لا ينكحها ؟ وذلك أن من اعتبر خوف العنت مع كونه عزبا إذ كان الخوف على
العزب أكثر قال : لا ينكح أكثر من أمة واحدة ، ومن اعتبره مطلقا قال :
ينكح أكثر من أمة واحدة ، وكذلك يقول إنه ينكح على الحرة .
واعتباره مطلقا فيه نظر ، وإذا قلنا إن له أن يتزوج على الحرة أمة
فتزوجها بغير إذنها فهل لها الخيار في البقاء معه أو في فسخ النكاح ؟ اختلف
في ذلك قول مالك ، واختلفوا إذا وجد طولا بحرة : هل يفارق الامة أم لا ؟
ولم يختلفوا أنه إذا ارتفع عنه خوف العنت أنه لا يفارقها .
أعني أصحاب مالك ، واتفقوا من هذا الباب على أنه لا يجوز أن تنكح المرأة من ملكته وأنها إذا ملكت زوجها انفسخ النكاح
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 35