اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 37
المسلمات ، والطائفة الثانية أنه ثم لم يجز نكاح الامة المسلمة
بالتزويج إلا بشرط فأحرى أن لا يجوز نكاح الامة الكتابية بالتزويج ) ،
وإنما اتفقوا على إحلالها بملك اليمين لعموم قوله تعالى :
﴿ إلا ما ملكت أيمانكم ﴾
ولاجماعهم على أن السبي يحل المسبية الغير متزوجة .
وإنما اختلفوا في المتزوجة هل يهدم السبي نكاحها ، وإن هدم فمتى
يهدم ؟ فقال قوم : إن سبيا معا - أعني الزوج والزوجة - لم يفسخ نكاحهما وإن
سبي أحدهما قبل الآخر انفسخ النكاح ، وبه قال أبو حنيفة ، وقال قوم : بل
السبي يهدم سبيا معا أو سبي أحدهما قبل الآخر ، وبه قال الشافعي ، وعن مالك
قولان : أحدهما : أن السبي لا يهدم النكاح أصلا .
والثاني : أنه يهدم بإطلاق مثل قول الشافعي .
والسبب في اختلافهم : هل يهدم أو لا يهدم هو تردد المسترقين الذين
أمنوا من القتل بين نساء الذميين أهل العهد وبين الكافرة التي لا زوج لها
أو المستأجرة من كافر ، وأما تفريق أبي حنيفة بين أن يسبيا معا وبين أن
يسبى أحدهما فلان المؤثر عندهفي الاحلال هو اختلاف الدار بهما لا الرق ،
والمؤثر في الاحلال عند غيره هو الرق ، وإنما النظر هل هو الرق مع الزوجية
أو مع عدم الزوجية ؟ والاشبه أن لا يكون للزوجية ههنا حرمة لان محل الرق
وهو الكفر سبب الاحلال : وأما تشبيهها بالذمية فبعيد لان الذمي إنما أعطى
الجزية بشرط أن يقر على دينه فضلا عن نكاحه .
الفصل التاسع : في مانع الاحرام
واختلفوا في نكاح المحرم فقال مالك والشافعي والليث والاوزاعي وأحمد
: لا ينكح المحرم ولا ينكح ، فإن فعل فالنكاح باطل ، وهو قول عمر بن
الخطاب وعلي وابن عمر وزيد بن ثابت .
وقال أبو حنيفة : لا بأس بذلك .
وسبب اختلافهم : تعارض النقل في هذا الباب : فمنها حديث ابن عباس أن
رسول الله ( ص ) نكح ميمونة وهو محرم وهو حديث ثابت النقل خرجه أهل الصحيح
وعارضه أحاديث كثيرة عن ميمونة أن رسول الله ( ص ) تزوجها وهو حلال قال
أبو عمر : رويت عنها من طرق شتى : من طريق أبي رافع ، ومن طريق سليمان بن
يسار وهو مولاها ، وعن يزيد بن الاصم .
وروى مالك أيضا من حديث عثمان بن عفان مع هذا أنه قال : قال رسول
الله ( ص ) لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب فمن رجح هذه الاحاديث على
حديث ابن عباس قال : لا ينكح المحرم ولا ينكح ، ومن رجح حديث ابن عباس أو
جمع بينه وبين حديث عثمان بن عفان بأن حمل النهي الوارد في ذلك على
الكراهية قال : ينكح وينكح ، وهذا راجع إلى تعارض الفعل والقول والوجه
الجمع أو تغليب القول .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 37