اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 310
الجنس الثاني وأما متى يرق ، فإنهم اتفقوا على أنه إنما يرق إذا عجز إما عن البعض وإما عن الكل بحسب ما قدمنا اختلافهم .
واختلفوا هللعبد أن يعجز نفسه إذا شاء من غير سبب ، أم ليس له ذلك
إلا بسبب ؟ فقال الشافعي : الكتابة عقد لازم في حق العبد وهي في حق السيد
غير لازمة ، وقال مالك وأبو حنيفة : الكتابة عقد لازم من الطرفين : أي بين
العبد والسيد .
وتحصيل مذهب مالك في ذلك أن العبد والسيد لا يخلو أن يتفقا على
التعجيز أو يختلفا ، ثم إذا اختلفا فإما أن يريد السيد التعجيز ويأباه
العبد ، أو بالعكس ، أعني أنه يريد به السيد البقاء على الكتابة ، ويريد
العبد التعجيز .
فأما إذا اتفقا على التعجيز فلا يخلو الامر من قسمين : أحدهما : أن
يكون دخل في الكتابة ولد أو لا يكون ، فإن كان دخل ولد في الكتابة فلا خلاف
عنده أنه لا يجوز التعجيز .
وإن لم يكن له ولد ففي ذلك روايتان : إحداهما أنهلا يجوز إذا كان له مال ، وبه قال أبو حنيفة .
والاخرى : أنه يجوز له ذلك .
فأما إن طلب العبد التعجيز وأبى السيد لم يكن ذلك للعبد إن كان معه مال أو كانت له قوة على السعي .
وأما إن أراد السيد التعجيز وأباه العبد .
فإنه لا يعجزه عنده إلا بحكم حاكم .
وذلك بعد أن يثبت السيد عند الحاكم أنه لا مال له ولا قدرة على الاداء .
ويرجع إلى عمدة أدلتهم في أصل الخلاف في المسألة ، فعمدة الشافعي ما
روي أن بريرة جاءت إلى عائشة تقول لها : إني أريد أن تشتريني وتعتقيني ،
فقالت لها : إن أراد أهلك ، فجاءت أهلها فباعوها وهي مكاتبة خرجه البخاري .
وعمدة المالكية تشبيههم الكتابة بالعقود اللازمة .
ولان حكم العبد في هذا المعنى يجب أن يكون كحكم السيد وذلك أن العقود من شأنها أن يكون اللزوم فيها أو الخيار مستويا في الطرفين .
وأما أن يكون لازما من طرف وغيلازم من الطرف الثاني فخارج عن الاصول .
وعللوا حديث بريرة بأن الذي باع أهلها كانت كتابتها لا رقبتها .
والحنفية تقول : لما كان المغلب في الكتابة حق العبد ، وجب أن يكون
العقد لازما في حق الآخر المغلب عليه وهو السيد أصله النكاح ، لانه غير
لازم في حق الزوج لمكان الطلاق الذي بيده وهو لازم في حق الزوجة ،
والمالكية تعترض على هذا بأن تقول : إنه عقد لازم فيما وقع به العوض إذ كان
ليس له أن يسترجع الصداق
.
الجنس الثالث وأما حكمه إذا مات قبل أن يؤدي الكتابة
، فاتفقوا على أنه إذا مات دون ولد قبل أن
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 310