اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 311
يؤدي من الكتابة شيئا أنه يرق .
واختلفوا إذا مات عن ولد فقال مالك : حكم ولده كحكمه ، فإن ترك مالا
فيه وفاء للكتابة أدوه وعتقوا ، وإن لم يترك مالا وكانت لهم قوة على السعي
بقوا على نجوم أبيهم حتى يعجزوا أو يعتقوا ، وإن لم يكن عندهم لا مال ولا
قدرة على السعي رقوا ، وأنه إن فضل عن الكتابة شئ من ماله ورثوه على حكم
ميراث الاحرار ، وأنه ليس يرثه إلا ولده الذين هم في الكتابة معه دون سواهم
من وارثيه إن كان له وارث غير الولد الذي معه في الكتابة .
وقال أبو حنيفة : إنه يرثه بعد أداء كتابته من المال الذي ترك جميع
أولاده الذين كاتب عليهم أو ولدوا في الكتابة وأولاده الاحرار وسائر ورثته .
وقال الشافعي : لا يرثه بنوه الاحرار ولا الذين كاتب عليهم أو ولدوا
في الكتابة ، وماله لسيده ، وعلى أولاده الذين كاتب عليهم أن يسعوا من
الكتابة في مقدار حظوظهم منها ، وتسقط حصة الاب عنهم ، وبسقوط حصة الاب
عنهم قال أبو حنيفة وسائر الكوفيين .
والذين قالوا بسقوطها قال بعضهم : تعتبر القيمة ، وهو قول الشافعي ، وقيل : بالثمن ، وقيل : حصته على مقدار الرؤوس .
وإنما قال هؤلابسقوط حصة الاب عن الابناء الذين كاتب عليهم لا الذين
ولدوا في الكتابة ، لان من ولد له أولاد في الكتابة فهم تبع لابيهم .
وعمدة مالك أن المكاتبين كتابة واحدة بعضهم حملاء عن بعض ، ولذلك من عتق منهم أو مات لم تسقط حصته عن الباقي .
وعمدة الفريق الثاني أن الكتابة لا تضمن .
وروى مالك عن عبد الملك بن مروان في موطئه مثل قول الكوفيين .
وسبب اختلافهم : ماذا يموت عليه المكاتب ؟ فعند مالك أنه يموت مكاتبا ، وعند أبي حنيفة أنه يموت حرا ، وعند الشافعي أنه يموت عبدا .
وعلى هذه الاصول بنوا الحكم فيه .
فعمدة الشافعي أن العبودية والحرية ليس بينهما وسط ، وإذا مات
المكاتب فليس حرا بعد ، لان حريته إنما تجب بأداء كتابته وهو لم يؤدها بعد ،
فقد بقي أنه مات عبدا لانه لا يصح أن يعتق الميت .
وعمدة الحنفية أن العتق قد وقع بموته مع وجود المال الذي كاتب عليه ،
لانه ليس له أن يرق نفسه ، والحرية يجب أن تكون حاصلة له بوجود المال لا
بدفعه إلى السيد .
وأما مالك فجعل موته على حالة متوسطة بين العبودية والحرية وهي
الكتابة ، فمن حيث لم يورث أولاده الاحرار منه جعل له حكم العبيد ، ومن حيث
لم يورث سيده ماله حكم له بحكم الاحرار ، والمسألة في حد الاجتهاد .
ومما يتعلق بهذا الجنس اختلافهم في أم ولد المكاتب إذا مات المكاتب
وترك بنين لا يقدرون على السعي ، وأرادت الام أن تسعى عليهم ، فقال مالك :
لها ذلك ، وقال الشافعي والكوفيون : ليس لها ذلك .
وعمدتهم أن أم الولد -إذا مات المكاتب - مال من مال السيد ، وأما مالك فيرى أن حرمة الكتابة التي لسيدها صائرة إليها وإلى بنيها .
ولم يختلف قول مالك أن المكاتب إذا ترك بنين صغارا لا يستطيعون
السعي ، وترك أم ولد لا تستطيع السعي أنها تباع ويؤدي منها باقي الكتابة .
وعند أبي
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 311