اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 261
إلا في السويق الذي يلته في السمن وما أشبه ذلك من الطعام ، فلا
يخير فيه لما يدخله من الربا ويكون ذلك فوتا يلزم الغاصب فيه المثل ، أو
القيمة فيما لا مثل له .
وأما الوجه الثاني : من التقسيم الاول ، وهو أن لا يكون أحدث الغاصب
فيما أحدثه في الشئ المغصوب سوى العمل ، فإن ذلك أيضا ينقسم قسمين :
أحدهما : أن يكون ذلك يسيرا لا ينتقل به الشئ عن اسمه بمنزلة الخياطة في
الثوب أو الرفولة .
والثاني : أن يكون العمل كثيرا ينتقل به الشئ المغصوب عن اسمه
كالخشبة يعمل منها تابوتا والقمح يطحنه والغزل ينسجه والفضة يصوغها حليا أو
دراهم .
فأما الوجه الاول : فلا حق فيه للغاصب ، ويأخذ المغصوب منه الشئ المغصوب معمولا .
وأما الوجه الثاني : فهو فوت يلزم الغاصب قيمة الشئيوم غصبه أو
مثله فيما له مثل ، هذا تفصيل مذهب ابن القاسم في هذا المعنى ، وأشهب يجعل
ذلك كله للمغصوب ، أصله مسألة البنيان فيقول : إنه لا حق للغاصب فيما لا
يقدر على أخذه من الصبغ والرفولة والنسج والدباغ والطحين .
وقد روي عن ابن عباس أن الصبغ تفويت يلزم الغاصب فيه القيمة يوم
الغصب ، وقد قيل إنهما يكونان شريكين ، هذا بقيمة الصبغ ، وهذا بقيمة الثوب
إن أبى رب الثوب أن يدفع قيمة الصبغ ، وإن أبى الغاصب أن يدفع قيمة الثوب ،
وهذا القول أنكره ابن القاسم في المدونة في كتاب اللقطة وقال : إن الشركة
لا تكون إلا فيما كان بوجه شبهة جلية .
وقول الشافعي في الصبغ مثل قول ابن القاسم إلا أنه يجيز الشركة
بينهما ويقول : إنه يؤمر الغاصب بقلب الصبغ إن أمكنه وإن نقص الثوب ، ويضمن
للمغصوب مقدار النقصان ، وأصول الشرع تقتضي أن لا يستحل مال الغاصب من أجل
غصبه .
وسواء أكان منفعة أو عينا ، إلا أن يحتج محتج بقوله عليه الصلاة
والسلام : ليسلعرق ظالم حق لكن هذا مجمل ، ومفهومه الاول أنه ليس له منفعة
متولدة بين ماله وبين الشئ الذي غصبه ، أعني ماله المتعلق بالمغصوب ، فهذا
هو حكم الواجب في غير المغصوب تغير أو لم يتغير .
وأما حكم غلته ، فاختلف في ذلك في المذهب على قولين : أحدهما : أن حكم الغلة حكم الشئ المغصوب .
والثاني : أن حكمها بخلاف الشئ المغصوب ، فمن ذهب إلى أن حكمها حكم
الشئ المغصوب ، وبه قال أشهب من أصحاب مالك يقول : إنما تلزمه الغلة يوم
قبضها أو أكثر مما انتهت إليه قيمتها على قول من يرى أن الغاصب يلزمه أرفع
القيم من يوم غصبها لا قيمة الشئ المغصوب يوم الغصب .
وأما الذين ذهبوا إلى أن حكم الغلة بخلاف حكم الشئ المغصوب
،فاختلفوا في حكمها اختلافا كثيرا بعد اتفاقهم على أنها إن تلفت ببينة أنه
لا ضمان على الغاصب ، وإنه إن ادعى تلفها لم يصدق وأن كان مما لا يغلب عليه
.
وتحصيل مذهب هؤلاء في حكم الغلة هو أن الغلال تنقسم إلى ثلاثة أقسام
: أحدها : غلة متولدة عن الشئ المغصوب على نوعه وخلقته وهو الولد ، وغلة
متولدة عن الشئ لاعلى صورته ، وهو مثل الثمر ولبن
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 261